محمد بكرية: يوسفُ أيّها الصدّيق!

يوسفُ أيّها الصدّيق.. أنهكتُ حدسَك منْ استفساراتي الكثيرة.. أوّلْ ليَ رؤيتي ربّما تكونُ الأخيرة…
لقد حمَلني طيرٌ ضخمٌ من بين الناس، رفعني أعلى جناحيْه وقال: لا تخفْ، تشبّثْ بي جيّدًا..
صحتُ:
– تريّثْ قليلًا لألتقطَ كتبي ودفاتري غداءَ سفري وفاكهة غُربتي.
قالَ:
– وماذا دوّنتَ في دفاترِكَ.. يا سيّدي؟
تأتأتُ، تلعثمتُ خانَني لساني قليلًا.. ثمّ أجبْتُ:
– هي بعضُ الذكرياتِ وفصولٌ عن رحلاتي المدرسيّة، يومياتي مع رفاقِ الصّبا، ومغامراتي العاطفيّة.. ثمّ صمتُّ.
سخِرَ منّي:
– أتحملُ ذكرياتِكَ معكَ في هذه الرحلة الطويلة؟!؟
سألتُ:
– ولِمَ لا!
ضحكَ مجدّدًا:
– وما قيمتُها وأنتَ مسافرٌ إلى بلادٍ بعيدة! اصنَعْ الآن ما شئتَ، ولا تنسَ تدوينَها على أوراقٍ جديدة.
ثمّ طِرْنا أعلى وأعلى.. كان الفضاءُ صافيًا، وبدا القمرُ ناعسًا يرقبُ أشياء لا أراها.
نسائمُ ناعمة تلاطفُ وجهي وجسمي، لا أسمعُ ضوضاء، لا زعاقَ يأتي من شوارعَ أو ساحات، لا رجال تتنادى ولا خصورَ الكواعبِ من الفتيات.
تلفّتَ الطيرُ صوبي وقال:
– الآن دوّنْ ما تشاءُ.
– يوسفُ أيّها الصدّيق ما قولُكَ فيما رأيت؟
جاءني صوتُ النبيّ وقد بدا بعيدًا يشقّ الفضاء السحيق:
– لا تقلقْ يا بنيّ، أما الطيرُ فهو خلاصٌ لك…
سألتُ:
– وسجلّاتي التي فقدتُها
قال: أمّا دفاترُ الذكريات الماضيّة فقد غطّاها ترابٌ كثيفٌ ولا حاجةَ لكَ بها، وأمّا سجلّاتُ الأمنيات، فأنتَ صانعُها… وأنتَ باريها.. أنتَ الآن حرٌ يا ولدي، حرٌ.
ثمّ اختفى الصوت، واصلنا السفرَ أنا والطير…!
من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com



