رحيل الفنان والممثل والمخرج الفلسطيني محمد بكري ابن قرية البعنة عن عمر يناهز 72 عامًا

فقدت الساحة الثقافية والفنية الفلسطينية، اليوم الأربعاء، المخرج والممثل الكبير محمد بكري، ابن قرية البعنة، عن عمر ناهز 72 عامًا، بعد مسيرة فنية وإنسانية حافلة بالعطاء والمواقف.

وأُعلن عن وفاة الفنان الراحل إثر مضاعفات صحية ناتجة عن أمراض القلب وارتفاع ضغط الدم، وذلك بعد أن نُقل إلى المستشفى قبل ثلاثة أيام، حيث خضع للعلاج في قسم العناية المركزة، إلى أن وافته المنية بعد ظهر اليوم.

ويُعدّ محمد بكري أحد أبرز الرموز الفنية الفلسطينية، إذ لم يكن حضوره مقتصرًا على الإبداع المسرحي والسينمائي، بل امتد ليشكّل صوتًا ثقافيًا حرًا ومدافعًا شرسًا عن الحقيقة والرواية الفلسطينية. وعلى مدار ما يقارب عقدين، تعرّض الراحل لملاحقة سياسية وعنصرية شرسة، على خلفية فيلمه الوثائقي الشهير «جنين جنين»، في حملة تضافرت فيها قوى التطرف مع مؤسسات رسمية وقضائية، وأسفرت عن حظر الفيلم وفرض غرامات مالية باهظة عليه.

ورغم كل أشكال القمع والاستهداف، بقي محمد بكري ثابتًا على مواقفه، متمسكًا برسالته الفنية والإنسانية، رافضًا الانكسار أو التراجع، حتى رحيله الذي شكّل خسارة كبيرة للفن الفلسطيني والعربي، وللثقافة الملتزمة بقضايا الحرية والعدالة.

درس بكري التمثيل والأدب العربي بدافع شغفٍ عميق بالمسرح، فالتحق بجامعة تل أبيب عام 1973، وبدأ منها رحلة فنية امتدّت إلى مسارح العالم وأفلامه، من هولندا وبلجيكا إلى فرنسا وكندا.

منذ بداياته المسرحية، لم يكن الفن عند محمد بكري ترفًا، بل أداة وعي ومواجهة. أعماله المسرحية والسينمائية شكّلت صدمة ثقافية وسياسية، وكان فيلمه الوثائقي «جنين، جنين» علامة فارقة هزّت المؤسسة الإسرائيلية وأشعلت جدلًا واسعًا وصل إلى أروقة الكنيست والمحاكم.

وشارك بكري في أكثر من 43 عملًا بين تمثيل وإخراج وتأليف وإنتاج، من بينها: «من وراء القضبان»، «حيفا»، «حنا ك»، و«تحت أقدام النساء». تنقّل بين مسارح هابيما، حيفا، والقصبة في رام الله، وبقي وفيًا لقناعته بأن الفن يحرّر الإنسان.

وبرحيله، يفقد المسرح والسينما صوتًا حرًا، لكن التجربة التي تركها محمد بكري ستظل حاضرة، تُذكّر بأن الفن قد يكون فعل مقاومة، وذاكرة لا تُصادر.

** الجبهة والحزب الشيوعي ينعيان الفنان الكبير والرفيق محمد صالح بكري*
“ببالغ الحزن والأسى، ينعي الحزب الشيوعي والجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة إلى جماهير شعبنا، وإلى كل الأحرار في العالم، رحيل الفنان والمناضل الوطني الكبير محمد بكري، الذي شكّل برحيله خسارة فادحة للثقافة الوطنية الفلسطينية وللحركة التقدمية والإنسانية.
لقد كان محمد بكري صوتًا حرًا شجاعًا في وجه القمع الفاشي، وفنانًا ملتزمًا بقضايا شعبه، منغرسًا بعمق في هموم الجماهير العربية داخل إسرائيل، وفي النضال ضد الاحتلال وفضح جرائمه، وفي الدفاع عن الحق الفلسطيني في السرد والذاكرة والكرامة. لم يفصل يومًا بين الفن والموقف، ولا بين الإبداع والمسؤولية الأخلاقية، فجعل من المسرح والسينما ساحة مواجهة إنسانية وسياسية في آن.
خلف محمد بكري ارثًا فنيًا وإنسانيًا ووطنيًا لا حدود له.وشكل حالة فريدة في تاريخ شعبنا، فحمل قضيته ومعاناة أهله إلى خشبات المسرح وشاشات السينما، وحوّل واقعنا المعاش إلى لوحات فنية صادقة اخترقت الحدود، وأصبحت مرجعًا حيًا لكل من أراد فهم التجربة الفلسطينية بعمقها الإنساني والسياسي.
دفع محمد بكري ثمن مواقفه الصلبة التي رفضت المساومة، وتعرّض لملاحقات سياسية وعنصرية وقضائية قاسية بسبب أعماله ومواقفه، لكنه بقي ثابتًا، شامخًا، رافضًا الانكسار، ورفض أن ينتج فنًا منزوع الصلة عن واقع شعبه، ورفض أن يتزحزح قيد أنملة عن دربه، مؤمنًا بأن الحقيقة لا تُحاكم، وبأن الفن لا يُكمّم.
ويعتز الحزب الشيوعي والجبهة بأنهما وقفا دائمًا إلى جانب بكري في مواجهة حملات التحريض والملاحقات الإسرائيلية، بما في ذلك المعارك القضائية في المحاكم، دفاعًا عن حرية التعبير، وعن حقه وحق شعبنا في قول الحقيقة، وفي مواجهة القمع والظلم.
إن محمد بكري لم يكن فنانًا كبيرًا فحسب، بل كان رمزًا وطنيًا وإنسانيًا عميقًا، عبّر بصوته وأدائه وموقفه عن أعماق وجداننا، وتجربتنا النضالية والكفاحية بما تحمله من ألم وصمود، ومن مقاومة وأمل.
برحيله، نفقد قامة فنية ونضالية استثنائية، لكن إرثه سيبقى حيًا في وجدان شعبه، وفي ذاكرة محبيه، وفي كل عمل فني حرّ يواجه القمع ويقف إلى جانب الإنسان”.

* النائب السابق د. بوسف جبارين: وداعًا محمّد بكري!

“رثاء الفنان الكبير والصّديق الرّفيق محمّد بكري ليس بالأمر السّهل، الغصةُ كبيرةٌ، بحجم الإرث الّذي تركه أبو صالح لنا، إرثٌ فنيٌ وإنسانيٌ ووطنيٌ لا حدود له.

شكّل أبو صالح حالةً فريدةً في تاريخ شعبنا، ونقل قضيتنا ومعاناة شعبنا إلى شاشات السينما والمسارح، وترجم واقعنا المُعاش إلى لوحات فنيّة، اخترقت الحدود وأصبحت مرجعًا هامًّا لكلّ المعنيين بفهم واقعنا أكثر.

أبو صالح استحقّ عن جدارة لقب الفنان المشتبك والمثقّف العضويّ ، وهو من عانى من الملاحقة السّياسيّة والتّحريض العنصريّ وتواطؤ المنظومة القضائيّة، وعلى الرّغم من ذلك، رفض أن يُنتج فنًّا منفصلًا عن واقع شعبه ورفضّ أن يزيح قدر أنملة عن الدرب، قائلًا بابتسامته المعهودة، وبثقة المتشائل في داخله: “إيش الإنسان بسوى بدون حبّة كرامة؟”.

نودّع قامةً من قامات شعبنا. نرثي الفنان الّذي رحل عنّا لكن لا نرثي فنّه الّذي كُتِب له الخلود. . رحمك الله أبا صالح”.

من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى