حسن جبارين: ما سرُّ “الملوخيّة والجَّاج والمقلوبة” كلّ يوم جُمعة بالذَّات في أم الفحم ..؟!

أولًا صحتين وعافية ..

هذه عادةٌ حميدةٌ تكرَّسَتْ منذ 1949 فصاعدًا، حيثُ كان العُمَّالُ يغادرون عائلاتِهِم وبلداتِهم لأسبوعٍ كاملٍ على الأقلّ إلى العمل الشَّاقِّ في العَمَار والزِّراعة والمطاعم والخَدَمات في البلدات والمدن اليهوديَّة القريبة والبعيدة، وكانوا في نفس الوقت يرزحون تحت وطأة الحكم العسكري البغيض وتصاريح السَّفر والتنقل،أو كانوا يسكنون وينامون في أماكن عملهم كيفما اتَّفَقَ تحت أقسى الظروف..

وكان العُمَّال يعودون بعد ظُهر الجُمُعةِ إلى أمّ الفحم وقُراها وكان أولادُهم ينتظرونهم طويلًا على الكينا والميدان ليَتَلقََّفوا “خبزَ اليهود” والهدايا المتواضعة التي يجلبها الآباء العائدون معهم في قاع “سَبَتة” الزُّوَّادة ,وليقبضوا بعضَ التعاريف والقروش و”القرطات” مصروفًا لأسبوعٍ كاملٍ أو أكثر ..

كنتُ أغارُ من هؤلاء الأولاد أترابي لأن والدي أبا علي كان فلَّاحًا ولم يكن مُضطَّرًا لمغادرة أم الفحم إلَّا لحضور محاكم الأراضي في حيفا مع عمي أبو رفيق، حيثُ كنتُ أسبقهما وأتسلَّلُ الى السَّيَّارة التي سَتُقِلُّهُما وأفرض عليهما مرافقتَهما في مسيرة العذاب والانتظار وفتفتة الأعصاب في رُدُهاتِ وأروقةِ المحاكم..

كانت أُمَّهاتُ وشقيقاتُ وزوجاتُ العُمَّال العائدين من الشُّغل يٌعدِدْنَ بشغفٍ وحماسٍ شديدٍَين أشهى وأفخم وليمةٍ يَقْدِرْنَ عليها في حينه، وهي: الدَّجاج والملوخية والمقلوبة وخبز الطَّابون ،حيث كانت الموادُّ الأساسيَّةُ لهذه الوليمة متوفرةً غالبًا مِن “ذيال الدّار”..

مِن هنا، علينا أن نفخرَ بهذة العادة المتوارََثة والتي تأصَّلت فينا عبرَ معاناةِ ومشاقِّ العمل والغياب عن العائلة والبلد وأن نترحَّمَ على آبائنا وأجدادنا الذين تَجَشَّموا مشاقَّ العمل والسَّفر والغياب عن عائلاتهم وبلداتهم ليضمنوا لنا الحدَّ الأدنى من شروط البقاء والعيش الكريم واللُّقمة الحلال والقلم والدفتر والمأوى والملبس الذي يستُرُنا ويَقينا عواقبَ الحَرَّ والبرد..

وأقترحُ علينا جميعًا إحياءَ يومِ جُمُعةٍ واحدًا بالعام نُسَمِّيهِ يومَ المقلوبة والجاج والملوخية ,احتفاءً بِ ووفاءً لآبائنا وأجدادنا وعِرفانًا منَّا بتضحياتهم الهائلة التي ضَمِنَتْ لنا البقاءَ والنُّمُوَّ والتَّطَوُّرَ في مجتمعنا وفي وطنِنا الذي لا نقبلُ لنا وطنًا سِواه..

 

من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى