د. رافع يحيى: قراءة في ملامح هشاشة مجتمعنا!

في ظاهر الأمر، يبدو مجتمعنا متماسكًا، ينبض بالحياة، ويعجّ بالاحتفالات، والمناسبات، والنقاشات الحماسية حول قضايا يومية. لكن تحت هذا السطح الصاخب، تكمن هشاشة مقلقة، تُظهر مجتمعًا يعيش نوعًا من الانكسار الداخلي، والتنافر القيمي، والاضطراب النفسي العميق.
الهشاشة لا تعني فقط الفقر أو القمع أو العنف، بل تشمل أيضاً تفكك العلاقات الإنسانية، فقدان الثقة بين الأفراد، غياب الحوار البنّاء، وانهيار منظومة الأخلاق التي طالما كانت درعًا للمجتمع. نحن نعيش في زمن يسيطر فيه الشكل على الجوهر، والمصلحة على المبدأ، والضجيج على المعنى. وهنا تكمن الكارثة.
من مظاهر هشاشة المجتمع أننا بتنا نهاب الصدق، ونتجنب الاعتراف بالخطأ، ونعتبر التسامح ضعفًا، والنقد خيانة، والصمت حكمة. حتى في بيوتنا، تحوّلت الأسرة – التي كانت ملاذ الأمان – إلى مساحة مشحونة بالتوتر، يحكمها الضغط المادي، وسوء التواصل، والتنافر بين الأجيال.
وفي مدارسنا، لم تعد التربية قبل التعليم، بل بات الطالب يخرج منها مثقلاً بالمعلومات، فارغًا من القيم، عاجزًا عن طرح الأسئلة أو التفكير النقدي.
النفخة الكذّابة وشوفة النفس ظاهرة شائعة لدى الجنسين. وهي تدل على نقص في مركبات الشخصية أو موروثة وهناك من يظن نفسه سلطان زمانه أو تظن نفسها كيلوبترا ولكن في الحقيقة دبوس صغير بنفّسهن!
خلفاء ورسل وعلماء تواضعوا وهاي التُّمر طلت بوجوهنا!
أكوام شحم لا تحترم الكبير ولا تتعامل معه بأدب واحترام.. وآسفاه!
أما على مستوى العلاقات العامة، فوسائل التواصل الاجتماعي كشفت عن هشاشة أخلاقية عميقة. حيث يُهان الناس بسهولة، وتُغتال الإنجازات بكبسة زر، وتُبنى العلاقات على الإعجاب اللحظي واللغة السطحية.
كل هذا يجعلنا نعيش حالة من الانفصام: نرفع شعارات العلم، بينما نمارس التسلط والتهميش في الواقع.
هذه الهشاشة ليست قدرًا، لكنها نتيجة لتراكمات اجتماعية، ثقافية، سياسية، وتعليمية، لم تُعالج في وقتها. والمطلوب اليوم ليس فقط تشخيص المرض، بل الشجاعة في مواجهة الذات، والاعتراف بأننا بحاجة إلى إعادة بناء داخلية، تبدأ من الفرد، وتصل إلى المؤسسات.
نحتاج إلى تجديد منظومة القيم، إلى العودة إلى الصدق، والرحمة، واحترام الآخر، وتقدير العلم الحقيقي، وإحياء الثقافة النقدية لا التبعية العمياء.
مجتمعنا ليس هشًّا في طبيعته، لكنه أصبح كذلك حين فقد البوصلة، وتخلى عن المبادئ، واستسلم للزيف.
من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com