هديل أيوب محاجنة: تحت ستار الطوارئ.. مواجهة إسرائيل–إيران ورقصة السلطة على الحافة!

منذ أشهر، تعيش إسرائيل في حالة تأهب قصوى: حرب على غزة، توتر متصاعد مع إيران، ومجتمع داخلي منقسم بشدة حول الإصلاح القضائي.
لكن خلف هذا الضجيج، تنفذ الحكومة أجندة سياسية لا تقل خطورة عن الصواريخ. فباسم “حالة الطوارئ”، تُتخذ قرارات تهدد أسس الحكم الديمقراطي، وتوسع صلاحيات السلطة التنفيذية على حساب البرلمان والمحكمة.
في مايو 2024، منعت الحكومة نشر صور وتقارير مستقلة من غزة، وهددت صحفيين بملاحقة قانونية بزعم “نشر معلومات تضر بالأمن القومي”. وفي مارس 2025، اعتُقل العشرات من النشطاء العرب واليساريين إداريًا، دون لوائح اتهام، وفقًا لقوانين الطوارئ، في خطوة تؤشر إلى استخدام موسّع ومتساهل مع أدوات القمع الوقائي. كما واجهت المظاهرات ضد خطة الحكومة لتقليص صلاحيات المحكمة العليا قمعًا شرسًا، بررته الشرطة بكونه “ضرورة أمنية في ظل تهديدات إيرانية”.
وفي 19 حزيران 2025، شهدت إسرائيل تصعيدًا غير مسبوق عندما أطلقت إيران أكثر من أربعمئة صاروخ وطائرة بدون طيار، استهدفت فيها مدنًا رئيسية مثل تل أبيب وبئر السبع، مما أسفر عن وقوع عشرات الإصابات، بينها استهداف مباشر لمستشفى سوروكا.
وردّت إسرائيل بهجوم واسع على منشآت نووية إيرانية، من بينها أراك وفوردو، معلنةً أن عمليتها العسكرية مستمرة حتى “تدمير البنية التحتية العسكرية الإيرانية”. وسط هذه التطورات، تبدو الحرب ظاهريًا كصراع بين قوتين، لكنها في الواقع، شكلت فرصة سياسية ثمينة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
نتنياهو، المحاصر بسلسلة من قضايا الفساد والاحتجاجات، استغل التوترات مع إيران والضربات على غزة كغطاء سياسي لتمرير قوانين استثنائية، وتوسيع صلاحياته. اعتمد خطابًا قوميًا هجوميًا، وربط أي انتقاد للحكومة بالخيانة، معززًا بذلك انقسامًا داخليًا عميقًا. كل ذلك جرى في ظل صمت دولي، وتأييد شعبي جزئي تغذيه حالة الخوف.
مع تصاعد هذه الديناميكيات، بات من الصعب تجاهل التحذيرات المتكررة من منظمات حقوقية، ترى في هذا المسار انزلاقًا نحو “ديمقراطية مشروطة”. الكنيست يفقد تدريجيًا دوره الرقابي، المحكمة العليا تُحاصر تشريعيًا، والإعلام يُكمم عبر قوانين الطوارئ، بينما يُنظر إلى المعارضة باعتبارها تهديدًا للجبهة الداخلية.
أما الشعب، فهو الميدان الحقيقي للصراع. المواطن الإسرائيلي يعيش في ظل الخوف والتجييش الإعلامي، ويقبل تدريجيًا التنازل عن الحريات باسم الأمن. الفلسطينيون في غزة والضفة يتعرضون للقصف والحصار بلا غطاء سياسي أو إنساني. وعرب الداخل يُعاملون كمشتبهين دائمين، هدف دائم للتمييز والتهميش.
وهكذا، لا تبدو الحرب مع إيران مجرد مواجهة خارجية، بل اختبار داخلي للهوية السياسية لإسرائيل. فهل ستبقى الديمقراطية قائمة في ظل تمدد الطوارئ؟ أم أنها ستُدفن بهدوء خلف الخطاب الأمني؟ في هذا المنعطف، تبدو الإجابة رهينة بقدرة المجتمع الإسرائيلي على إعادة تعريف التوازن بين الأمن والحرية، وبين الحاجة إلى الحماية وواجب الحفاظ على النظام الديمقراطي.
من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com