ناضل حسنين: كلمة لا بد منها…!

في الأيام القليلة الماضية، شهدنا موجة من الاستنكارات والشجب من مختلف الجهات، تجاه مشاهد مصوّرة ضمن مسلسل “أجنحة الليل” الذي بثته قناة “كان” الإسرائيلية، والتي جرى تصويرها داخل أحد مساجد مدينة الطيبة. وعلى الفور، بادر العديد من المواطنين، وأعضاء كنيست، وأعضاء بلدية، إلى التعبير ـ وبحق ـ عن استيائهم ورفضهم التام لهذا التصرف المرفوض فكريًا وعمليًا.
وقد تمحورت الانتقادات بشكل رئيسي حول تدنيس المسجد، لا سيما مع ظهور الممثل وهو يدخل دون أن يخلع حذاءه، ثم يعتلي المنبر. وهي انتقادات مشروعة ومفهومة، ولا مناص من اعتبارها ضرورية للحفاظ على حرمة بيوت الله.
ومع ذلك، لا يمكن إغفال ملاحظة جوهرية، وهي أن معظم المنتقدين تجنّبوا الخوض في ما هو أخطر من مجرد انتعال الحذاء: بثّ نشيد “هتكفا” عبر مكبرات صوت المسجد. فهذا التصرف لا يمس الجانب الديني فحسب، بل يستفز المشاعر الوطنية والكرامة الجماعية في أعمق مستوياتها. ورغم فداحة هذا الفعل، ظل محور الغضب محصورًا في الحذاء، لا في السياق الأشمل.
ومن هنا تبرز تساؤلات مشروعة: لماذا يضيق أفق الاحتجاج ليقتصر على المظهر الديني فقط؟ ولماذا يغيب الصوت ذاته، حين يتعلق الأمر بدماء تُسفك في قطاع غزة منذ ما يقرب من عامين؟ أين مواقف الاستنكار الصريحة إزاء ضحايا الحرب والجوع والحصار، التي تمس إنسانيتنا ووجداننا الجمعي قبل أي اعتبار آخر؟
إن هذا الاحتجاج، على أهميته، يبقى ناقصًا إذا اقتصر على رد الفعل الديني وحده، دون النظر إلى الأبعاد الأوسع التي تمس كرامة المجتمع وهويته الوطنية.
ولا يمكن إغفال نقطة بالغة الأهمية: كيف تم تصوير هذا المشهد داخل المسجد في وضح النهار؟ فعملية كهذه تتطلب فريقًا تقنيًا مجهزًا بكاميرات وإضاءة، ما يجعل من الصعب تصديق أنها جرت دون أن يلاحظها أحد في المكان.
وفي الختام، كان حريًّا بنا أن نطرح أولًا سؤالًا جوهريًا: ما الهدف من تصوير هذا المشهد؟ وما السياق الدرامي الذي يندرج ضمنه؟ وهل الغاية هي الإساءة إلى المسجد تحديدًا، أم أن هناك رسالة مغايرة تمامًا؟
للتوضيح فقط، لا لتبرير ما جرى، فإن هذا المشهد ورد ضمن سلسلة مشاهد تُجسد ممارسات عنصرية تنفّذها جماعة “لا فاميليا”، وهي مجموعة متطرفة من أنصار فريق بيتار القدس. ومما يقدمه المشهد عن هذه المجموعة أنها لا تتوانى حتى عن دخول المسجد في بلدة عربية، وتشغيل نشيد “هتكفا” عبر مكبرات الصوت، إلى جانب هتافاتهم العنصرية من قبيل: “لتحترق بلدتكم” و”الموت للعرب”، وغيرها من الشعارات التي تمثل قاع العنصرية المنفلتة.
من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com