شوقية عروق منصور: مسرحية “نوبل للسلام”

بحركة مسرحية مليئة بالنفاق السياسي والغمز الالتفافي على قواعد البرتوكول وفي توقيت موعد تناول وجبة العشاء الرومانسي ، قام نتنياهو رئيس حكومة إسرائيل بتقديم رسالة ترشيح للرئيس الأمريكي ترامب لجائزة نوبل للسلام – مع العلم أن الترشيح يأتي من أساتذة الجامعات والعلماء والفائزين السابقين أيضاً الترشيحات لجائزة نوبل 2025 قد أغلقت لهذا العام و لانعرف هل يقصد نتنياهو أنه يرشح ترامب لنوبل عام 2026 – ويقبل الرئيس ترامب الترشح بكامل ابتسامته وتقاسيم وجهه البرتقالية التي تميل للكوميديا والسخرية التي تسير على خطى النرجسية ، ويرد على نتنياهو بطريقة المراهقة الذي يعترف لها حبيبها بحبها “شكراً جزيلاً لك لم أكن أعرف هذا..!!! يا إلهي”، مع العلم ان الكذبة قد تمددت في نشرات الأخبار حين كررت خبر الترشح قبل أن يسافر نتنياهو إلى الولايات المتحدة .
إذا قالت العرب “وافق شن طبقة”، نحن نقول نتنياهو وترامب وجهان لعملة سياسية تحمل فوق المرحلة التاريخية ألعاباً تبدو من الخارج نغمة منسجمة مع الواقع لكن خلف الكواليس تحدث أشياء تحاصر التفاؤل وتدفعنا للمزيد من الخوف على شعوب المنطقة التي لا تعرف إلى أين تركض بها العجلة السياسية.
ولا نعرف عن أي سلام قام به ترامب ليستحق الجائزة ؟ وحرب الإبادة في غزة ما زالت تحصد الأرواح والدمار، عدا عن التجويع والحصار المفروض بقسوة لم يشهد مثله التاريخ الحديث؟ أما في الضفة الغربية فحدث ولا حرج عن تهميش السلطة الفلسطينية وجعلها مجرد مجموعة من الأشخاص لا وزن لهم ولا قيمة سياسية، والذي يحاول الاستنكار والرفض فلينظر إلى الخريطة ويرى جيداً كيف رئيس السلطة والحكومة والوزراء لا يملكون أمرهم ، وأصغر مستوطن يستطيع اقتحام إي قرية ومدينة ويحرق ويطلق الرصاص ويطارد السكان، وهجمات المستوطنين تتم يومياً والقيام بأعمال تروع السكان من حرق المزروعات إلى مصادرة الأراضي والمواشي وفرض الحصار، وهدم المخيمات في جنين وطولكرم ونور شمس وغيرها.
وإذا أردنا أن ننظر من ثقب باب “جائزة نوبل للسلام” لنتذكر أن عام 1978 حصل الرئيس المصري على جائزة نوبل مناصفة مع رئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك “مناحم بيغن..؟؟” – مع العلم رفض السادات تسلم الجائزة وأناب عنه وقتها “سيد مرعي”. وقد اعترف السادات للكاتب أنيس منصور أن رفضه ليس نابعاً من موقف تاريخي وطني، بل من مناصفة الجائزة مع مناحم بيغن، حيث كان يرى أنه يستحق الجائزة الكاملة، وقد كانت نوبل مصيدة الاغتيال خلال العرض العسكري عام 1981.
وفي عام 1994 حصل كل من ياسر عرفات وإسحاق رابين وشمعون بيرس على جائزة نوبل بعد اتفاق أوسلو، وقد حملت وسائل الاعلام أنوار التفاؤل بحل القضية الفلسطينية ، لكن تبين بعد ذلك أن هذا الاتفاق ليس اتفاق “سلام” بل جر الويلات .
مع أن جائزة “نوبل للسلام” إلا أنني أعتبرها جائزة “غسل الضمير” بعد أن أخترع السويدي “الفرد نوبل 1833-1896” الديناميت – مادة متفجرة – التي كانت وسيلة للقتل والتدمير، وتؤكد المصادر التاريخية أن “نوبل” أراد أن يكفر عن غلطته عن هذا الاختراع ، فقرر التبرع بثروته لإنشاء مؤسسة تمول جوائز “نوبل” حيث تُمنح سنوياً لمن قدموا فائدة للبشرية . ولنعترف أن هذه الجائزة تحولت بيد اللجنة إلى لجنة “سياسية عنصرية” تمنح حسب المقاييس السياسية أكثر من الفائدة البشرية ، وهناك من تجرأ ورفضها بكل شموخ وعنفوان، وهناك من قبلها وهو يسخر من أعضاء اللجنة محتضناً تاريخه الأسود والذي بقي يعتز به ولم يتنازل عنه حتى مماته…
في كل الأحوال، بقيت جائزة ” سياسية” حيث تلعب الأصابع السياسة والكواليس الخفية دورها، لذلك ليس غريباً أن يأخذها ترامب وقد يترشح مستقبلاً نتنياهو وبن غفير… لقد هزلت وبانت كلاها.
ملاحظة: هناك من سخر من نتنياهو: كيف يقوم بترشيح ترامب وهو المطلوب للجنائية الدولية؟!
من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com