عودة مقلقة لمستويات ما قبل الحرب: 36 قتيلاً في حوادث عمل خلال نصف عام غالبيتهم من العرب والأجانب

عودة مقلقة لمستويات ما قبل الحرب: 36 قتيلاً في حوادث عمل خلال نصف عام غالبيتهم من العرب والأجانب
كشفت جمعية “عنوان العامل” في تقريرها نصف السنوي الصادر مؤخرًا عن واقع قاتم في سوق العمل في إسرائيل، إذ لقي 36 عاملاً مصرعهم في حوادث عمل خلال النصف الأول من عام 2025، منهم 22 عاملاً في قطاع البناء وحده، ما يمثل 61% من إجمالي الوفيات – وهي أعلى نسبة تسجل منذ عام 2019.
التقرير يشير إلى أن هذا الارتفاع الحاد يعيد مؤشرات ضحايا العمل إلى ما كانت عليه قبل اندلاع الحرب على غزة في أواخر عام 2023، والتي تسببت حينها في تراجع كبير في النشاط الاقتصادي، وغياب جزئي للعمال الفلسطينيين عن قطاع البناء، ما خفّض مؤقتًا من عدد الحوادث القاتلة.
وقالت الجمعية إن هذا الانخفاض المؤقت في عام 2024 كان “وهميًا ومخادعًا”، نتيجة توقف آلاف ورشات العمل خلال الحرب، وليس بفعل تحسينات في شروط السلامة المهنية. وشددت على أن فئة العمال، وخاصة العرب والأجانب، ما زالت تُعامل كحلقة ضعيفة داخل الاقتصاد الإسرائيلي، وتدفع الثمن الأكبر نتيجة الإهمال المتكرر في معايير السلامة.
العرب والأجانب في صدارة الضحايا
تُظهر الأرقام أن المواطنين العرب شكّلوا 31% من ضحايا العمل (11 حالة وفاة)، رغم أنهم يشكلون فقط 20% من السكان. أما العمال الفلسطينيون – الذين يُمنع معظمهم رسميًا من العمل في إسرائيل – فقد شكّلوا 17% من مجمل الوفيات (6 حالات)، ما يعكس استمرار عمل عشرات الآلاف منهم بتصاريح غير قانونية، وفق مصادر داخل النقابات.
أما العمال الأجانب فكانوا الأكثر تضررًا في قطاع البناء تحديدًا، حيث بلغت نسبتهم 27% من وفيات هذا القطاع، مقابل 22% للعمال الفلسطينيين.
السقوط من المرتفعات.. السبب الرئيسي
بحسب التقرير، لا يزال السقوط من أماكن مرتفعة هو السبب الأكثر شيوعًا لحوادث العمل بنسبة 50% من الإصابات، يليها سقوط الأجسام الثقيلة بنسبة 14%. ويدل ذلك على استمرار اعتماد ورشات العمل على سقالات خشبية غير آمنة، رغم الاتفاقات الحكومية السابقة بشأن استبدالها بسقالات معدنية وفق المعايير الأوروبية – اتفاقات لم تُنفذ حتى اليوم.
ضعف رقابي في مواجهة اتساع قطاع البناء
رغم خطورة الأوضاع، لا يتجاوز عدد مفتشي السلامة المهنية في البلاد 80 مفتشًا فقط، وهو نفس العدد المسجل عام 2017، في وقت تشهد فيه البلاد أكثر من 15 ألف ورشة بناء مرخصة، بالإضافة إلى قطاعات أخرى كالصناعة والزراعة. وقد أصدرت مديرية السلامة التابعة لوزارة العمل 1380 أمرًا بشأن انتهاكات السلامة، منها 986 أمرًا في قطاع البناء، بنسبة 71%.
مدن تتصدر الإهمال… والتطبيق غائب
جاءت مدن حيفا (22 حالة)، القدس (19)، تل أبيب (16)، وأشدود (9) في صدارة البلدات التي شهدت أكبر عدد من حوادث العمل. وعلى الرغم من ذلك، يشير التقرير إلى ضعف تطبيق القانون في هذه المدن، وسط غياب شبه تام للتعاون بين السلطات المحلية ومديرية السلامة المهنية، وتقصير واضح في اتخاذ إجراءات فعلية ضد المخالفات.
نقابي: الحوادث لم تنخفض بل توقف العمل
المحامي وائل عبادي، مدير قسم البناء في نقابة العمال العامة الجديدة، أوضح أن “التراجع الظاهري” في حوادث العمل عام 2024 سببه توقف كامل في قطاع البناء بعد الحرب، واستمر الإغلاق لأشهر طويلة، ما أدى إلى اختفاء مؤقت للأرقام. وأضاف أنه مع بداية 2025 وعودة النشاط التدريجية، ارتفعت الحوادث مجددًا وبشكل متسارع.
وأكد عبادي أن “مشروع استبدال العمال الفلسطينيين بعمال أجانب لم ينجح بالكامل”، وأن اليوم يعمل أكثر من 40 ألف عامل فلسطيني بتصاريح وهمية، والسلطات تغض الطرف عنهم لعلمها بأن قطاع البناء لا يمكنه الاستغناء عنهم.
مطالبات بإنشاء هيئة وطنية للسلامة
اختتم التقرير بمطالبة واضحة من جمعية “عنوان العامل” لوزير العمل بضرورة معالجة جذور الأزمة من خلال تأسيس هيئة وطنية للسلامة والصحة المهنية، ووضع خطة وطنية شاملة لإنهاء نزيف الأرواح في مواقع العمل، مشددة على أن “العمال الذين يخرجون لكسب لقمة العيش لا يجب أن يعودوا إلى منازلهم في توابيت”.
ووفقًا للتوقعات، فإن معدلات الوفيات لن تشهد انخفاضًا ملموسًا حتى نهاية عام 2025، ومن المرجح أن تظل مشابهة لمستويات عامي 2022 و2023، ما لم يتم اتخاذ خطوات جذرية وحقيقية لتغيير الواقع الراهن.
من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com