خالد أحمد اغبارية: يا صاحبي (62)

يا صاحبي..
لا تحزن.. لهيب الشمس يطفئه وارف الظل.. وظمأ الهاجرة يبرده الماء النمير.. وعضّة الجوع يسكنها الخبر الدافئ.. ومعاناة السّهر يعقبهُ نوم لذيذ.. وآلام المرض يزيلها لذيذ العافية.. فما عليك إلاّ بالصبر قليلاً والانتظار لحظة.
عن أنس رضي الله عنه قال: “أتى عليَّ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وأنا ألعب مع الغلمان فسلَّم علينا، فبعثني في حاجة، فأبطأت على أمي، فلما جئتُ قالت: ما حبسك؟ فقلت: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة، قالت: ما حاجته؟ قلت: إنها سر، قالت: لا تخبرن بسرِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا”.
يا صاحبي..
احفظ الأسرار والأمانات..
ما من أحد يُحسن التعامل مع الخلوات إلا ويتضِح ذلك على أخلاقِه وجميل كلامِه وفيْض أقواله .. وتجد الأثر والوضاءة والإشراق في مُحيّاه، وما إن يُقابِل أحداً إلا يألفهُ ويُحبّه.
صاحِب الصَّالحين، صاحبهم في الواقع وفي مواقع التواصل حتى وإن كنت مقصِّرًا فإنهم يذكّرونك وترى منهم كل خير فتتأثر بهم..
اللهم اختر لنا صحبة صالحة.
– كيف حال همتك ..؟!
أتراها وَهِنت همتك؟
إنْ تعبتَ وتكاسلت ..
هدمتَ بُنيانًا سَبق ..
لست وحدك في هذا الطريق ..
إلا أنّك وحيدُ قلبٍ وباحث درب ..
يا أخي …
لا تثقل قلبك بما لا يُغن ولا يُسمن!
تخفف من آثامك ..
تخفف من مباحاتك..
تخفف من انشغالاتك ..
من تخفف سهُلت عليه الرحلة ..
فإنَّ الدرب طويل ..
والقلب واحد!
إنْ أشغلته بالصغائر ..
انصرفَ عن الغاية!
والغايات الكبار ..
تُريد قلبًا كاملًا لا نصف همّةٍ وقلب!
وانت غايتك المغفرة .. ورضا الله فالجنة.
يا صاحبي:
”عندما تنظر لهموم الناس ومدى القوة والصبر لديهم رغم عظمة ما يحاط بهم ستستصغر ما يضايقك، فاللهمّ أكتب اليُسر لمن يعاني من العُسر، والراحة لمن به هم، والسعادة لمن لازمه الحُزن، والشفاء لمن لامسه المرض، والمغفرة لمن سبقنا للقبر والإجابة لمن يدعيك”.
مر سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه ذات يوم برجل في السوق، فإذا بالرجل يدعو ويقول:(اللهم اجعلني من عبادك القليل. اللهم اجعلني من عبادك القليل) ، فقال له سيدنا عمر : من أين أتيت بهذا الدعاء؟
فقال الرجل: إن الله يقول في كتابه العزيز: (وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ).
فبكى سيدنا عمر وقال : كل الناس أفقه منك يا عمر .. اللهم اجعلنا من عبادك القليل.
عن ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما من جُرعَةٍ أعظم أجرًا عند الله من جرعةِ غيظ كظمها عبدٌ ابتغاء وجه الله”.
يا صاحبي..
ومن أخبرك أنَّ الطَّريق سهلٌ مُمهَّدٌ؟
من أخبرك أنَّك ستلقى كلَّ ما تريد وتحبُّ؟ بسعيٍ أو بدونه، إن كان؛ فهي الجنَّة وماشقينا إذًا.!
رسول الله قبلك في هذا الطَّريق أُوذيَ ونزف دمُه الشَّريف -بأبي هو وأمِّي-، وهكذا هو الطَّريق مليءٌ بالصُّعوبات والعثرات والمحاولات، والصَّبر صديقٌ للسَّائر فيه نِعم الصَّديق!
فإن كنتَ عند كلِّ صعوبةٍ تلقاها تُفكِّر في التَّخلِّي وتسأل لماذا، فأنت تكلِّف الأيَّام ونفسك ونفسيَّتك فوق طباعها، بل اِجعل من كلِّ عثرةٍ بدايةً للنَّهضة بعدها، وإنْ تتالتْ العثرات فربُّك يراك تتطلَّب رضاه وتُصرُّ على طريقه إلَّا ويحفُّك بمعونةٍ وفتحٍ لا يعلمها إلَّا هو.
هيا، اِنهض يا أخي! لا بأس عليك فيما مضى… فلنُحسِن فيما بقيَ.
يا صاحبي..
“من أهم الأخلاق التي ينبغي اكتسابها في زماننا هي المثابرة، حبس النفس وعدم استرسالها، كلما كرهت شيئا تركته ولم تكمله، انقطاع النفس والبحث دوما عن بداية جديدة.
دع عنك كلام البحث عن الشغف، فللتعلم أن تكمل عملك أولا ثم لتبحث عن شغفك، فقصر النفس وسرعة الهروب والزهق والملل داء ينتشر بلا توقف. لا تسأل أحد عن شيء لا يريد أن يحكيه ..
لا تضع نفسك وتضعه في هكذا موقف ، اكتفي بما حكاه لك طالما أن الموضوع لا يخصك ، ولن يؤثر على علاقته بك .. وليس من حقك أن تسأل وتبحث من وراء الشخص لتعرف ما يخفيه عنك ..
يقول أحد دهاة العرب : “ما غلبتني إلا جارية ، كانت تحمل طبق مُغطى وسألتها : ماذا يوجد في الطبق ؟
فقالت : ولمَ غطيناه إذاً ؟ فأحرجتني ..
حكمة العمر : أي شيء مستور لا تحاول أن تكشفه..
يا من طالَ أرَقُه، واشتدَّ قلَقُه ..
يا من يلتمِسُ نسيمَ رجاء، ويبحَثُ عن إشراقَةِ أمل، هذه التوبةُ قد شُرِعَت أبوابُها، وحلَّ زمانُها، ونزلَ أوانُها ..
فلتكُن إشراقةَ صُبحِك، وعنوانَ توبتِك، وبدايةَ أوبَتِك .
اجتهد فالقادم فرصة مباركة محروم من توانى عنها،
أقبل على الله بقلب مخبت منيب وأبشر بالخير وعظيم الجبر.
من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com