اغتيال مراسل الجزيرة بغزة أنس الشريف و5 من زملائه في قصف إسرائيلي.. وإدانات واسعة في انحاء العالم للجريمة النكراء
"**مراسلون بلا حدود" تندد باغتيال إسرائيل للصحافيين بغزة وتدعو إلى تحرك دولي

أفادت مصادر محلية في غزة باستشهاد أعضاء طاقم قناة “الجزيرة”، وهم: أنس الشريف، ومحمد قريقع، والمصورين إبراهيم ظاهر، ومؤمن عليوة، ومحمد نوفل، إثر قصف الجيش الإسرائيلي خيمة الصحافيين امام مستشفى الشفاء بغزة، في ساعة متأخرة من ليلة الاحد / الاثنين، في جريمة نكراء لاقت ردود فعل مستنكرة في انحاء العالم.
وفي التفاصيل، ستشهد 7 أشخاص بينهم 5 صحافيين، بقصف إسرائيليّ، استهدف بشكل مباشر، خيمة للصحافيين، أمام مجمّع الشفاء الطبيّ في مدينة غزة، قبيل انتصاف ليل الأحد، ليرتفع بذلك عدد الشهداء الصحافيين خلال الإبادة الجماعية إلى 237، وفق ما أكّد المكتب الإعلامي الحكومي بغزة.
وأكّدت وسائل إعلام فلسطينية أن القصف الإسرائيلي “استهدف خيمة للصحافيين، أمام البوابة الرئيسية لمجمع الشفاء الطبي”.

الاحتلال يقرّ بجريمته ويبرّرها
وأقرّ جيش الاحتلال الإسرائيلي باستهداف الصحافيين بشكل مباشر، وذكر في بيان، أنه “هاجم أنس الشريف في منطقة مدينة غزة”، زاعمًا أن الشهيد الصحافيّ “كان متنكرًا في زي صحافي لقناة الجزيرة”.
وزعم البيان أن الشهيد الشريف “كان قائد خلية في حركة حماس، وكان يدفع لخطط لإطلاق صواريخ على مواطني إسرائيل، وقوات الجيش الإسرائيلي”، مشيرا إلى أنه “كشف في الماضي عن معلومات استخباراتية، ووثائق عديدة عُثر عليها في قطاع غزة، تؤكد انتمائه العسكري لحركة حماس. وتؤكد هذه الوثائق مجددًا نشاطه، الذي حاولت الجزيرة التنصّل منه”.
ووفق بين الجيش الإسرائيليّ، فإنّ “الوثائق تتضمّن جداول الموظفين، وقوائم الدورات التدريبية ’الإرهابية’، ودليل الهاتف، ووثائق رواتب، مما يثبت بشكل قاطع أنه عمل لصالح حركة حماس في قطاع غزة”.
ولم يتوقف المراسلان منذ بدء الحرب عن نقل الصورة في قطاع غزة جراء القصف الإسرائيلي المتواصل للقطاع، منذ 22 شهر.
وكان الشريف من أول المراسلين الذين ينتقلون إلى مناطق القصف لنقل الصورة وتجسيد الواقع لحظة بلحظة، وخاصة من المناطق الشمالية، والأمر ذاته بالنسبة لقريقع.

** شبكة الجزيرة: ندين الاغتيال المدبر لمراسلينا أنس الشريف ومحمد قريقع والمصورين إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل
قالت شبكة الجزيرة إننا “ندين الاغتيال المدبر لمراسلينا أنس الشريف ومحمد قريقع والمصورين إبراهيم ظاهر ومحمد نوفل”.
وذكرت القناة أن “اغتيال مراسلينا على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي هجوم جديد سافر ومتعمد على حرية الصحافة”. وأشارت إلى أن “قتلة الصحافيين استهدفوا بإقرار منهم عبر بيان الجيش الإسرائيلي خيمة صحافيي الجزيرة عند مجمع الشفاء”.

ونوّهت الشبكة إلى أن “الهجوم على صحافيي الجزيرة جاء وسط كارثة إنسانية مروعة خلفها العدوان الإسرائيلي والذي يشهد مجازر”. وأضافت أن “الأمر بقتل أنس الشريف أحد أشجع صحافيي غزة وزملائه محاولة يائسة لإسكات الأصوات استباقًا لاحتلال غزة”.
وحمّلت “شبكة الجزيرة وهي تودع ثلة جديدة من خيرة فرقها الصحافية جيش الاحتلال وحكومته مسؤولية استهداف واغتيال فريقها”. كما أوضحت أن “العديد من مسؤولي الجيش الإسرائيلي كرروا تحريضهم ودعواتهم لاستهداف أنس الشريف ورفاقه”.
واختتمت بقولها: “أنس الشريف وزملاؤه كانوا من آخر الأصوات الباقية في غزة الذين ينقلون للعالم الواقع المأساوي”.

** أنس الشريف: هذه وصيّتي… بذلت كل ما أملك لأكون سندًا وصوتًا لأبناء شعبي
وكان الصحافي الشهيد أنس الشريف، قد بعث بمقربين له بوصية، أوصاهم بنشرها حال استشهاده، وجاء في نصّها كما كتبها أنس:
“هذه وصيّتي، ورسالتي الأخيرة.
إن وصلَتكم كلماتي هذه، فاعلموا أن إسرائيل قد نجحت في قتلي وإسكات صوتي.
بداية السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
يعلم الله أنني بذلت كل ما أملك من جهدٍ وقوة، لأكون سندًا وصوتًا لأبناء شعبي، مذ فتحت عيني على الحياة في أزقّة وحارات مخيّم جباليا للاجئين، وكان أملي أن يمدّ الله في عمري حتى أعود مع أهلي وأحبّتي إلى بلدتنا الأصلية عسقلان المحتلة “المجدل” لكن مشيئة الله كانت أسبق، وحكمه نافذ.
عشتُ الألم بكل تفاصيله، وذُقت الوجع والفقد مرارًا، ورغم ذلك لم أتوانَ يومًا عن نقل الحقيقة كما هي، بلا تزوير أو تحريف، عسى أن يكون الله شاهدًا على من سكتوا ومن قبلوا بقتلنا، ومن حاصروا أنفاسنا ولم تُحرّك أشلاء أطفالنا ونسائنا في قلوبهم ساكنًا ولم يُوقِفوا المذبحة التي يتعرّض لها شعبنا منذ أكثر من عام ونصف.
أوصيكم بفلسطين، درةَ تاجِ المسلمين، ونبضَ قلبِ كلِّ حرٍّ في هذا العالم.
أوصيكم بأهلها، وبأطفالها المظلومين الصغار، الذين لم يُمهلهم العُمرُ ليحلموا ويعيشوا في أمانٍ وسلام، فقد سُحِقَت أجسادهم الطاهرة بآلاف الأطنان من القنابل والصواريخ الإسرائيلية، فتمزّقت، وتبعثرت أشلاؤهم على الجدران.
أوصيكم ألّا تُسكتكم القيود، ولا تُقعِدكم الحدود، وكونوا جسورًا نحو تحرير البلاد والعباد، حتى تشرق شمسُ الكرامة والحرية على بلادنا السليبة.
أُوصيكم بأهلي خيرًا،
أوصيكم بقُرّة عيني، ابنتي الحبيبة شام، التي لم تسعفني الأيّام لأراها تكبر كما كنتُ أحلم.
وأوصيكم بابني الغالي صلاح، الذي تمنيت أن أكون له عونًا ورفيق دربٍ حتى يشتدّ عوده، فيحمل عني الهمّ، ويُكمل الرسالة.
أوصيكم بوالدتي الحبيبة، التي ببركة دعائها وصلتُ لما وصلت إليه، وكانت دعواتها حصني، ونورها طريقي.
أدعو الله أن يُربط على قلبها، ويجزيها عنّي خير الجزاء.
وأوصيكم كذلك برفيقة العمر، زوجتي الحبيبة أم صلاح بيان، التي فرّقتنا الحرب لأيامٍ وشهورٍ طويلة، لكنها بقيت على العهد، ثابتة كجذع زيتونة لا ينحني، صابرة محتسبة، حملت الأمانة في غيابي بكلّ قوّة وإيمان.
أوصيكم أن تلتفوا حولهم، وأن تكونوا لهم سندًا بعد الله عز وجل.
إن متُّ، فإنني أموت ثابتًا على المبدأ، وأُشهد الله أني راضٍ بقضائه، مؤمنٌ بلقائه، ومتيقّن أن ما عند الله خيرٌ وأبقى.
اللهم تقبّلني في الشهداء، واغفر لي ما تقدّم من ذنبي وما تأخّر، واجعل دمي نورًا يُضيء درب الحرية لشعبي وأهلي.
سامحوني إن قصّرت، وادعوا لي بالرحمة، فإني مضيتُ على العهد، ولم أُغيّر ولم أُبدّل.
لا تنسوا غزة…
ولا تنسوني من صالح دعائكم بالمغفرة والقبول.”

وجاء في بيان صدر عن المكتب الإعلامي الحكومي بغزة:
- “ندين بأشد العبارات الجريمة الوحشية البشعة والمروعة التي ارتكبها جيش الاحتلال “الإسرائيلي” باغتيال خمسة من الصحفيين عقب قصف مباشر لخيمة الصحفيين بمحيط مستشفى الشفاء في مدينة غزة”.
- “تمت عملية الاغتيال مع سبق الإصرار والترصد بعد استهداف مقصود ومتعمد ومباشر لخيمة الصحفيين في محيط مستشفى الشفاء بمدينة غزة.”
- “يرتفع عدد الشهداء الصحفيين الذين قلتهم الاحتلال في قطاع غزة خلال الإبادة الجماعية وحتى الآن إلى 237 صحفياً شهيداً”.
- “إن استهداف طائرات الاحتلال الصحفيين والمؤسسات الإعلامية جريمة حرب مكتملة الأركان، تهدف لإسكات الحقيقة وطمس معالم جرائم الإبادة الجماعية، وهي تمهيد لخطة الاحتلال الإجرامية للتغطية على المذابح الوحشية الماضية والقادمة التي نفّذها وينوي تنفيذها في قطاع غزة”.
** د. منير البرش يرثي رمز الجزيرة في غزة: أنس الشريف… الحد الفاصل
“قتل أنس الشريف لم يكن خبرًا عابرًا…
كان الحد الفاصل، والنقطة الحرجة، بين غطرسة العلو وكثرة النفير، وبين بداية السقوط، ووعد الآخرة.
باغتياله، خسر الاحتلال معركته الإعلامية، وانكشف قبحه أمام العالم.
التسونامي البشري من المظاهرات العالمية يقترب أكثر… ليكسر القيود، ويفك الارتباط، ويدق أبواب نهايته.
قتل أنس سيكون لعنة تلاحق الاحتلال،
وسيأتي يوم يندم فيه أنه أقدم على ذلك،
فقد انفضح أمام الدنيا بممارساته الغاشمة،
وأصبح العالم كله يضج بما يفعله من ظلم وعدوان”.
وأكّدت المقررة الأممية لحرية الرأي والتعبير أن “ما قُتل من الصحافيين في قطاع غزة، يفوق ما قتل في أي صراع آخر”.
ونددت منظمة “مراسون بلا حدود” اليوم، الإثنين، بـ”شدة وغضب بالاغتيال المُقرّ به” لمراسل الجزيرة أنس الشريف الذي استشهد مع خمسة صحافيين آخرين من طاقم القناة في غارة إسرائيلية على مدينة غزة ليل الأحد – الإثنين، وأقر الجيش الإسرائيلي باستهدافه.
وقالت المنظمة المدافعة عن الصحافة في بيان “كان أنس الشريف، أحد أشهر الصحافيين في قطاع غزة، صوت المعاناة التي فرضتها إسرائيل على الفلسطينيين في غزة”، داعية إلى “تحرك شديد من الأسرة الدولية لوقف الجيش الإسرائيلي”.
بالإضافة إلى الشريف، استشهد الصحافي محمد قريقع وثلاثة مصورين هم إبراهيم زاهر ومحمد نوفل ومؤمن عليوة ومحمد الخالدي، بعدما استهدفت غارة إسرائيلية خيمة للصحافيين قرب مستشفى الشفاء في مدينة غزة.
هذا، وأحصت “مراسلون بلا حدود” في أوائل تموز/يوليو استشهاد أكثر من 200 صحافي في غزة منذ بدء حرب الإبادة في السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وأكدت المنظمة أن “على مجلس الأمن الدولي أن يجتمع بصورة عاجلة بناء على القرار 2222 الصادر في 2015 والمتعلق بحماية الصحافيين في زمن النزاعات المسلحة” لتفادي “جرائم القتل المماثلة خارج إطار القانون للعاملين في مجال الإعلام”.
وأشارت إلى أنها رفعت “4 شكاوى” ضد الجيش الإسرائيلي “لدى المحكمة الجنائية الدولية لارتكابه جرائم حرب بحق الصحافيين في غزة”.
وزعم الجيش الإسرائيلي في بيان إن الشريف عمل “تحت غطاء صحافي في قناة الجزيرة” وكان “قائدا لخلية في حركة حماس، وكان مسؤولا عن إطلاق قذائف صاروخية نحو مواطني دولة إسرائيل وقوات الجيش”.
وردت “مراسلون بلا حدود” على هذه المزاعم، مؤكدة أنها “بدون أدلة” آخذة على الجيش “تكراره أسلوبا معروفا استخدم من قبل، ولا سيما بحق صحافيين من الجزيرة”.
وتابعت المنظمة أنه “في 31 تموز/يوليو 2024 قتل الجيش الإسرائيلي المراسلين إسماعيل الغول ورامي الريفي بضربة محددة الهدف تبناها متهما الأول بأنه ’إرهابي’”.
من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com



