نادية كيوان: ظِلال الرّجال التي لا تُرى!

في زحمة الشكاوى التي تُثقل قلوب النساء، كثيرًا ما نسمع كلماتٍ تقسو على رجلٍ صامت، متعب، لا يُحسن التعبير بالكلمات، لكنه يُجيد التعبير بعرقه وتعبه وصمته.
تتذمّر امرأة من أنّ زوجها لا يشتري لها ما تريد، أو أنّه لا يهتم بما يكفي، وتغفل أن الرجل الذي أمامها قد يعود يوميًا مُثقل الجسد، يحمل على كتفيه حجارةً أثقل من همومه، ويقف تحت شمسٍ حارقة أو بردٍ قارس في ورش البناء والشغل الشاق… كي يضع في بيته لقمةً لا تنكسر كرامتها، ويؤمّن لأطفاله حياةً كريمة.
كثيرون من رجالنا يعملون في مهنٍ يُنظر إليها ببساطة من بعيد، لكنها في الحقيقة حرب يومية بين الجسد والحديد، بين الإرهاق والأمل.
يعلّقون حياتهم على سقالاتٍ عالية، أو بين جدران إسمنتية، أو في طرقات غبارية، بلا صخب ولا شكوى، وكأن الصمت صار وسيلتهم الوحيدة لحماية من يحبون.
كم من رجلٍ يُتهم بالبخل وهو في الحقيقة يُقسّم راتبه المثقل بالدم والعرق بين حاجات البيت، الأقساط، واحتياجات الحياة!
وكم من رجلٍ ظنّت زوجته أنه لا يُحبها لأنه لا يُتقن الكلام، بينما هو يُخبئ حبّه في كيس خبز يحضره وهو عائد من عمله، وفي دواءٍ يشتريه بصمت حين يمرض أحد أبنائه، وفي يده المتشققة التي تُدلل معنى الرجولة الحقيقي.
“ليس الحبّ ما يُقال، بل ما يُفعل بصمت. الحبّ قد يكون في يدٍ متشققةٍ من العمل، وفي عيونٍ تذبل قبل أوانها، وفي رجلٍ يخبئ وجعه كي لا يثقل قلب من يحب.”
(من كتابي “همسات”)
فلنرفق بهؤلاء الرجال، فهم ليسوا حجارةً صلبة كما يُخيَّل، بل بشرٌ يتعبون، يضعفون، ويتألمون، لكنهم يختارون أن يخفوا وجعهم خلف جدار الصمت حتى لا يثقلوا على من حولهم.
رفقًا بالرجال الذين يكافحون بصمت… فليس كل من لا يشتكي مرتاح.
ولنمنحهم كلمة تقدير، نظرة امتنان، ودعاءً صادقًا بأن يعودوا سالمين من كل يوم عملٍ يقتطع من أعمارهم لأجل من يحبون.
أيتها الزوجة..
رفقًا بالرجال… فهم ينهضون كل صباح كي لا تسقط بيوتنا، ويصمتون كثيرًا كي لا نسمع أنينهم، ويُرهقون أجسادهم كي نرتاح نحن.
ولو علمتِ كم يتمنى أن تعودي إليه بكلمة حبّ، ونظرة امتنان، ودعاءٍ يرافقه في دربه، لما قسوتِ عليه يومًا. (ام الفحم)

 

من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى