د. رافع يحيى: الإخوانيات والشللية في مؤسساتنا “الثقافية”

تقوم المؤسسات الثقافية، في أصل رسالتها، على رعاية الإبداع، ودعم المبدعين، وفتح المجال أمام الطاقات الشابة لتقديم رؤاها المتجددة. غير أن الواقع في كثير من البلدان العربية يكشف عن اختلال واضح في هذه الوظيفة، نتيجة هيمنة ما يمكن تسميته بـ”الإخوانيات” و”الشللية”. وهما مصطلحان يحيلان إلى شبكات من العلاقات الشخصية والمصالح الضيقة، التي تُقدَّم على الكفاءة والمعرفة والإبداع.
ففي حين يفترض أن تقوم معايير الاختيار والترقية على أساس الجدارة العلمية والموهبة الإبداعية، تتحوّل كثير من الفضاءات الثقافية إلى ساحات للمجاملة وتبادل المنافع بين أفراد تربطهم مصالح شخصية أو روابط اجتماعية. وهكذا تُهمَّش الطاقات الجديدة، ويُقصى المبدع المستقل، لصالح من يجيد بناء علاقات نفعية أو الانتماء إلى “شِلّة” بعينها.
هذا النمط من الممارسة لا يضرّ بالمبدع الفرد فحسب، بل ينعكس على المشهد الثقافي بأسره. إذ يؤدي إلى إعادة إنتاج الخطاب نفسه، وتكريس نمط من “الثقافة الرسمية” التي تفتقد روح النقد والابتكار. كما يرسّخ لدى الأجيال الشابة شعورًا بالإحباط وفقدان الثقة بالمؤسسات، الأمر الذي يضعف علاقتها بالثقافة كمجال حرّ ومسؤول في آن واحد.
لقد آن الأوان لمساءلة هذا الواقع بشجاعة، من خلال تبني معايير شفافة تقوم على التقييم العلمي والنقدي، وتحصين المؤسسات الثقافية من الانزلاق إلى منطق “الشللية”. فالثقافة لا يمكن أن تزدهر في بيئة محكومة بالعلاقات الضيقة، وإنما تحتاج إلى فضاء رحب يحتفي بالاختلاف والتنوع، ويمنح الفرصة الحقيقية لمن يستحقها.

من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى