ناضل حسنين: السلام الداخلي!

بينما نهرول يوميا خلف مكاسب وهمية، ننسى أحيانًا أن أغلى ما نملكه هو السلام الداخلي في روحنا، سلام يضمن هدوء النبض وانسياب الدم في العروق واسترخاء ملامح الوجه. هذا النص هو دعوة هادئة لتذكر تلك الحقيقة، وإعادة ترتيب أولوياتنا لنحمي راحتنا النفسية من كل ما لا يستحق.

حافظ على راحة بالك، فهي أغلى ما تملك. قيمتك الحقيقية ليست في حسابك البنكي، بل في الوقت الهادئ الذي تعيشه، وفي سلامة صدرك، وفي الطمأنينة التي تشعر بها.

اخرج إلى فجر يومك كنسمةٍ حرة، فدروب الأيام تعجّ بالضجيج. قد يمر بك طيف غاضب، أو يلاقيك صوتٌ فظ، أو يعبرك وجهٌ أرهقته الهموم. قد تقابل سائقا متهورا او شخص ثقيل المزاج او إنسانا مثقلا بالشر، لا تدع سلبيتهم تظلل روحك. دعهم يمضون، بأحمالهم ولا تأخذ عنهم ما ليس لك، ولا تسمح لشيءٍ أن يطفئ النور في داخلك.

أن تترفّع ليس ضعفًا، بل هو السموّ الذي يبقيك نقيًا للمعركة الحقيقية؛ تلك اللحظة التي تطلب منك الحياة فيها أن تكون حاضرًا بكل ما فيك من قوة وصفاء. كم من قدرات أُهدرت في معارك تافهة، وحين حان موعد التحدي الأكبر، وجدنا أنفسنا منهكة، وقد تبخرت عزائمها في فراغ.

تأمّل يا صاحبي: ما قيمة نصرٍ يترك في قلبك مرارة؟ كل جدالٍ تكسبه وتخسر فيه قطعة من هدوئك، هو هزيمة ترتدي ثوب انتصار. لقد أضعتَ لحظة دفءٍ كان يمكن أن تعيشها، أو بسمة طفلٍ كانت ستنير عالمك.

كلمة “آسف” سحرية وابتسامة طفيفة تفتح الكنوز وبهما تنهي خلافًا قبل أن يبدأ. اختر دائمًا راحة بالك على إثبات أنك على صواب. معظم المشاكل التي نعيشها هي معارك صغيرة لا تستحق خوضها، بل تختطف منك الكثير.

الحياة أوسع من أن تكون ساحة للنزاعات الصغيرة. إنها رحلة تتطلب قلبًا خفيفًا وروحًا متسامحة. فلتكن أنت النهر الذي يجري بسلام، لا الصخرة التي تعترض طريقه. دع الإساءة تموت عند صاحبها، ولا تسمح لها بأن تعيش في قلبك.

ضع حول قلبك سياجًا من نور، لا يعبره إلا ما يزيدك جمالًا وصفاءً. فإن استطعت أن تحتفظ بسلامك الداخلي وسط ضجيج الاعصاب من حولك، فقد حظيت بجوهر الحكمة، وامتلكتَ كنزًا لا يفنى. فلا تساوم على هذا السلام، ولا تفرط بهدوء روحك.