د. محمود أبو فنة: تقدّم التكنولوجيا ومستجداتها نعمة ونقمة!

هذا الأمر يتعلّق كيف نستخدمها، ولو أخذنا التلفزيون – على سبيل المثال – لوجدنا له الكثير من الإيجابيّات

كمصدر للإثراء، ووسيلة للترفيه والتسلية وو..، لكن الإفراط والإدمان في استخدامه قد يؤثّران سلبًا في الصحة وفي نسيج العلاقات الاجتماعيّة والأسريّة الحميمة وو.. كذلك الوسائط الأخرى مثل الهاتف الذكيّ والإنترنت وغيرهما!

لقد أصبح استعمال هذه الأجهزة شائعًا لدى جميع فئات العمر، ولكن استعمالها لدى الأطفال الصغار- وقد تكون أعمارهم أقلّ من سنتين – وما يثير القلق والرعب، فلا يُعقل أن تتحوّل هذه الوسائط كحاضنة لأولئك الصغار بدلا من أحضان الأمّهات والآباء!

كم نحن بحاجة إلى الوعي والحكمة لنتحكّم بهذه المستجدّات ونستخدمها بصورة متّزنة، بدلا من أن تتحكّم بنا وتستعبدنا وتضرّنا!

**

* كم تهفو نفوسُنا للفرحِ الخجول!

أعترفُ أنّ ما يجري لنا وحولنا لم يتركْ لدينا مساحاتٍ شاسعةً تسرحُ فيها نفوسُنا وتمرح! ولم يُبقِ عندنا حقولًا يانعةً ترتعُ فيها قلوبُنا وتفرح! ولا نوافذَ مشرعة لتستقبلَ نسائمَ السعادة والسكينة!

أطّل عيد الفطر حاملًا معه بشائرَ الفرح والأملِ لنفوسنا الحيرى الحزينة، فنتساءل بلوعة: ألا يحقُّ لنا أن نفرحَ أيّامَ هذا العيد؟!

صمنا 29 يومًا عن الطعام والشّراب، وكبحنا جماح النزوات والرغبات. وحرمنا من ساعات النوم المتواصلة المعتادة. ثمّ نحن لا نملكُ إلّا القليلَ القليلَ من الأعياد والمسرّات. وأرواحُنا تتوقُ للانعتاق من عِقالِ الحزن والألم!

وأطفالُنا الأبرياءُ يحتاجون لأوقاتِ الفرح والصفاء، كما تحتاجُ الأرضُ اليبابُ الجرداء لقطراتِ الماء!

وكم تهفو نفوسُنا للفرحِ الصافي في أيّام العيد! بلْ كم نرغب ونرجو أن نفرح من أجلِ أرواحِنا المُتعبة، ومن أجلِ أطفالِنا الأبرياء الواعدين الحالمين.. لعلّ الفرحَ الخجولَ يبدّدُ الحزنَ الجاثمَ على الصدور!

**

العيدُ ليسَ بالبذخِ والمظاهر!

احتفلنا بعيد الفطر السعيد، بعد صيام 29 يومًا عن الطعام والشراب، وأداء العبادات والطاعات، والالتزام بكبح النفس عن النزوات والملذّات، والابتعاد عن كلّ ما يخلّ بجوهر الصيام!

جاء العيد ليمنحَ الجميعَ الفرحة والسكينة، وليعزّزَ الألفةَ واللُّحمة بين الناس. كنتُ أتوقع أن يكون الاحتفال بالعيد بإبراز المعاني الدينيّة والاجتماعيّة والإنسانيّة لهذه المناسبة السعيدة، وتتحقّق تلك المعاني السامية بتقديم العون للمحتاجين، وتبادل التهاني والزيارات بين الأهل والجيران، وصلة الأرحام، وتناول ما لذّ وطاب من الشراب حلوى العيد والكعك، وجلب المسرة والسعادة للصغار بشراء الملابس والأحذية الجديدة، ومرافقتهم لأحضان الطبيعة أو للمتنزّهات التي توفّر لهم المتعة وألعاب التسلية المتنوعة!

ولكن، ما حدث أفقد العيد الكثير من معانيه السامية، ودلالاته الإنسانيّة المنشودة، فقد أخذ المحتفلون يتنافسون في البذخ والتبذير وفي البحث عن المظاهر المُبهِرة للتفاخر والمباهاة.. لم يكتفوا بشراء الملابس والأحذية العاديّة المعتدلة الثمن، بل حرصوا على شراء الأنواع الباهظة السعر، والمُنتَجَة من الشركات العالمية ذات الأسماء الرنّانة!

الكثيرون لا يقومون بمعايدة بعضهم البعض بالزيارات الوديّة التي تنمُّ عن التكافل والتعاضد والتآخي، بل يتوجّهون لأفخر المطاعم والمنتجعات لتناول الوجبات الدسمة الغالية، بدلًا من الاكتفاء بما يعدّ في البيوت من كعك وطعام صحيّ معتدل الكلفة!

بل إن العديد من العائلات تفضّل أن تقوم برحلات لأماكن سياحية في داخل البلاد أو خارجها، معتقدة أن الاحتفال بالعيد لا يتحقق إلا بالسفر إلى هذه الأماكن النائية وبصرف الأموال الطائلة من العملة المحليّة أو العملة الصعبة!

أمام هذه المظاهر التي انتشرت في العيد، رحتُ أتساءل:

– متى يرجع العيد لجوهره ومعانيه السامية التي نصّ عليها دينُنا الحنيف؟

– كيف نغيّر هذه العاداتِ الغريبةَ التي غزتنا في العقود الأخيرة؟

– متى يعرف المحتفلون أن الاحتفالَ الحقيقيَّ الذي يليق بالعيد هو في التراحم والتوادد والتعاضد والتكافل بين الناس، لا في التنافس في البذخ والتبذير؟

– متى يكتسب الاحتفالُ بالعيد تلك الحلّة من السكينة والهدوء والتراحم والتواضع؟

**

الضفدعة الصمّاء!

اعتادت الضفادع إجراء مسابقة لها كلّ عام في التسلّق إلى رأس عمود يثبّت في وسط المستنقع.
هذا العام حضر جمعٌ حاشد للتفرّج على الضفادع. ولكن لم يكن هناك شخصٌ واحد يؤمن بقدرة الضفادع على الوصول لرأس العمود!
“لا جدوى من المحاولة، ومن المستحيل أن تنجح الضفادع في مهمّتها”
هكذا ردّد الحاضرون!
انطلقت المسابقة، وبدأت جموع الضفادع تتسلّق، لكن تدريجيًّا
أخذ اليأس يدبّ فيها، فشرعت الضفادع تنسحب من المباراة الواحدة تلو الأخرى، ما عدا ضفدعة واحدة واصلت الصعود.
راح جمهور المتفرّجين يردّد: “إنّ الضفدعة لن تنجح أبدًا،
وخسارة على الوقت الذي تضيعه في محاولاتها!”.
لكن تلك الضفدعة استمرّت في الصعود رغم الأقوال المُحبِطة.
وأخيرًا، وبعد جهد عظيم وصلت الضفدعة إلى رأس العمود!
وقفت جميع الضفادع مذهولة، أرادت معرفة كيف نجحت تلك
الضفدعة في تحقيق الهدف.
بعد أن عادت الضفدعة الفائزة إلى الماء، اقتربت منها إحدى الضفادع التي شاركت في المسابقة لتسألها: كيف تمكّنت من الوصول إلى قمة العمود؟
وكانت المفاجأة أنّ تلك الضفدعة صمّاء لا تسمع بتاتًا!
– هذه حكاية رمزيّة منقولة، ما رأيكم فيها يا أصدقائي؟

من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى