المحامي علي حيدر: نتنياهو واستراتيجية “بناء الفشل”!

ينشغل العالم في الأيام الأخيرة باللقاء المرتقب اليوم بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو.
ويأتي هذا اللقاء بعد أسبوع حافل بالنشاطات والفعاليات والتصريحات المساندة للقضية الفلسطينية، مثل مؤتمر حل الدولتين بقيادة فرنسا والسعودية، وازدياد عدد الدول المؤثرة والوازنة التي اعترفت بالدولة الفلسطينية، إلى جانب جلسة مهمة لمجلس الأمن حول غزة، ومواصلة إبحار “أسطول الصمود” بمرافقة سفن عسكرية إسبانية وإيطالية، ومُسَيَّرة  تركية. كما شهدت المنابر الدولية  وخصوصاً الجمعية العامة للأمم المتحدة، خطابات عديدة لقادة دول العالم دعمت القضية الفلسطينية وطالبت بإنهاء الحرب.
في المقابل، تتكثّف الاتهامات الموجهة للحكومة الإسرائيلية بشأن ما تنفذه من إبادة جماعية في غزة، من تجويع وتعطيش وتهجير، مرورًا بهدم المنازل وتفجير الأبراج وقصف المستشفيات وتدمير البنى التحتية. وقد تجسّد هذا الغضب الدولي بوضوح عندما انسحبت معظم وفود العالم من قاعة الجمعية العامة للأمم المتحدة لحظة صعود نتنياهو إلى المنصة، في مشهد كشف حجم العزلة الدولية التي تعانيها إسرائيل. ولا يمكن تجاهل تصاعد المقاطعة العالمية للتجارة والأكاديميا والرياضة والفنون والسياحة وحتى الصفقات العسكرية الإسرائيلية.
على خلفية محاولة الاغتيال الفاشلة التي استهدفت وفد التفاوض الحمساوي في الدوحة قبل ثلاثة أسابيع، وما اعتُبر خرقًا للسيادة القطرية، انعقد اجتماع طارئ للقمتين العربية والإسلامية. وتم الاتفاق على إرسال وفد للقاء الرئيس ترامب وحثه على التدخل لإنهاء الحرب على غزة. وبالفعل إلتقى وفد  مكون من بعض قادة الدول العربية والإسلامية مع الرئيس ترامب على هامش إنعقاد الدورة ال ٨٠ للجمعية العامة للأمم المتحدة.
خلال هذا اللقاء، طرح ترامب خطته التي تضم 21 نقطة، وعقب اللقاء أدلى بتصريحات إيجابية تبشر “بقرب إنتهاء الحرب”، ووفقًا لموقع أكسيوس، فإن البنود التالية هي من أبرز النقاط التي  وردت في الخطة:
“إطلاق سراح جميع الرهائن خلال 48 ساعة من وقف إطلاق النار.
وقف دائم لإطلاق النار وانسحاب إسرائيلي تدريجي من كامل قطاع غزة.
الإفراج عن نحو 250 أسيرًا محكومًا بالمؤبد، إضافة إلى حوالي 2000 معتقل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
إنشاء آلية حكم انتقالية في غزة لا تشمل حماس، وتضم مجلسًا دوليًا وعربيًا بمشاركة ممثل عن السلطة الفلسطينية وحكومة تكنوقراط محلية.
تشكيل قوة أمنية مشتركة من فلسطينيين وجنود من دول عربية وإسلامية.
تمويل عربي لإدارة غزة الجديدة وإعادة إعمارها.
نزع سلاح حماس وتفكيك الأنفاق والأسلحة الثقيلة.
عفو عن عناصر الحركة الذين ينبذون العنف.
التزام إسرائيلي بعدم ضم الضفة الغربية أو أي جزء من غزة، مع التعهّد بفتح مسار جاد نحو إقامة دولة فلسطينية بعد إصلاح السلطة الفلسطينية.
التزام بعدم مهاجمة قطر.”
في المقابل، أعلنت حركة حماس أنها لم تتلقَّ أي مقترحات جديدة من الوسطاء، مؤكدة أن المفاوضات متوقفة منذ محاولة اغتيال قادتها في الدوحة. ومع ذلك، أعربت الحركة عن استعدادها لدراسة أي مقترحات تُقدَّم عبر الوسطاء “بكل إيجابية ومسؤولية، بما يحفظ الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني”. ومن اللافت، أن خطة ترامب صيغت دون أي تشاور مع الأطراف الفلسطينية، لا مع حماس ولا مع السلطة.
لا يمكن الوثوق بحسب رأيي بنتنياهو ولا بترامب ولا بدرمر أو كوشنر أو ويتكوف أو بلير. ورغم أن تصريحات ترامب بعد لقائه بعض القادة العرب والمسلمين حملت نبرة تفاؤل حذر لإنهاء الحرب، إلا أنني أعتقد أن نتنياهو سيعلن موافقته على “خطة الـ21 نقطة” التي طرحها ترامب. غير أنه سيُدخل عليها تعديلات عبر لقاءاته اليوم (الاثنين، 29 أيلول) مع كوشنر وويتكوف( قبل اللقاء مع ترامب، مؤزراً بتأييد ويتكوف وكوشنير)  تعديلات يدرك أنها ستثير تحفظات حماس، ليتمكّن من اتهامها لاحقاً بإفشال الصفقة.
بهذه الطريقة، يحافظ نتنياهو على علاقته مع ترامب، من دون أن يخضع “لضغوطه”، كما لا يخسر شركاءه في الائتلاف، وخصوصًا بن غفير وسموتريتش اللذين وضعا خطوطًا حمراء لنتنياهو وهي:  منع إنهاء الحرب قبل “الحسم العسكري”، وعدم التعاون مع السلطة الفلسطينية أو الاعتراف بالدولة الفلسطينية…إلخ. ويزداد الأمر تعقيدًا بعد أن أكد ترامب ونائبه، في اليومين الأخيرين، رفضهما لمشروع الضم وتشديدهما على أن سكان غزة والضفة هم من ينبغي أن يحكموا أنفسهم.
في نهاية المطاف، سيواصل نتنياهو الحرب بدعم أكبر من ترامب، وسيقول للزعماء العرب: “لقد فعلت ما طلبتم، ووافقتُ على الخطة، لكن حماس ترفض، وهي المسؤولة عن استمرار الحرب”. وهكذا يحافظ نتنياهو على ائتلافه الحكومي وسؤدده السياسي،  ويستمر في مشروعه لإعادة احتلال غزة والسيطرة عليها، ويتهرّب من تحمّل مسؤولية فشله في 7 أكتوبر 2023. ويواصل التملص من إجراءات القضايا المقدمة ضده في المحكمة.
إن الشخص الذي يصرح بأن إسرائيل هي “إسبارطة الكبرى” بكل ما يمثله هذا التشخيص من قوة مفرطة وعسكرة وانغلاق وقسوة وانعدام الرحمة والشفقة ووزراء وأعضاء برلمان يتنافسون في إطلاق أكثر التصريحات تطرفا وتحريضاً لا يوحي بأنهم  يرغبون بإنهاء الحرب.
هذا ما يمكن وصفه بـ”استراتيجية بناء الفشل”. ومع ذلك، تبقى الآمال معلّقة بأن يعمل العالم على آنهاء هذة الحرب فورا ووقف الإبادة.

 

נשלח מה-iPhone שלי

من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى