سهاد كبها: اسطول الصمود العالمي.. الإنسانية في مواجهة الحصار على غزه

ونحن على أعتاب الذكرى السنوية الثانية لأحداث السابع من أكتوبر، انطلق أسطول الصمود العالمي كصرخة إنسانية تهدف إلى كسر حصار على غزة وإرسال رسالة للعالم أن انهاء الحصار مطلب شعبي واسع ممكن وضروري وان وقفه ضرورة انسانية وقانونية.
عشرات السفن من موانئ اوروبية انطلقت محملة بمساعدات غذائية ودوائية وعلى متنها 496 ناشطا من 47 دولة بينهم حقوقيين وصحفيون كما ضمت بعضها أيضا شخصيات سياسه الامر الذي منح المبادرة بعدا رمزيا وسياسيا اكبر.
ومن اللافت غياب بعض الدول العربية والاسلامية في الاسطول مثل الامارات ومصر أحد اللاعبين الأساسيين في القضية الفلسطينية بينما برزت دول أخرى مثل تركيا بمشاركة عدد كبير من ناشطيها. هذه الفجوة تجعل من المبادرة اختبارا حقيقيا للقدرة الدول لوضع مواقفها على ارض الواقع وليس الاكتفاء بالتصريحات.
لكن المشهد البحري سرعان ما تحول إلى مواجهة مفتوحة مع قوة عسكرية إسرائيلية للقضاء على المبادرة. البحرية الاسرائيلية اعترضت السفن واحتجزت المئات من النشطاء واقتادتهم السفن الى ميناء اشدود واجبرت النشطاء المحتجزين على التوقيع على وثائق تثير ا التساؤلات حول قانونيتها، فيما بقيت صور هذه اللحظات وثيقة شاهدة لأجيال قادمه على التحدي والاصرار.
ورغم ان غالبية السفن جرى اعتراضها، الا ان بعضها واصلتا المحاولة رغم الاعتراضات وبقيت تناور وتغير مسارها محاولة الإفلات والتقدم نحو هدفها ومع ذلك مجرد و تمكن بعضها من المناورة شكل انجازا رمزيا بالغ الاهمية.
السفن حملت أسماء رمزية ذات دلالات عميقة؛ من بينها سفينة شيرين ابو عاقلة التي أراد المنظمون من خلالها تخليد ذكرى الصحفية الشهيدة شرين أبو عاقله وسفينة تحمل اسم انس الشريف وكان للسفينة التي حملت اسم شيرين ابو عاقلة دور خاص اذ حملت وثائق وتسجيلات تؤكد الانتهاكات التي وقعت خلال اعتراض القوافل التي تعهد المنظمون بتقديمها الى المحكمة الجنائية الدولية كملف يتهم اسرائيل بارتكاب جريمة حرب عبر منع وصول مساعدات انسانية سلمية بالقوة.الى جانبها أيضا عملت سفينة المراقبة وسفينة سمرتايم التي وصلت الى قبرص محملة بتسجيلات توثق لحظة بلحظة كيف جرى الاعتراض والاحتجاز.
لكن الرسالة الرمزية والسياسية وصلت ابعد بكثير مما وصلت اليه السفن نفسها. الاسطول اثبت ان الحصار ليس قدرا وان مجرد تحديه يفتح الباب امام نقاش دولي جديد حول شرعيته.
ففي الشارع الدولي خرجت مظاهرات في عواصم اوروبية تندد باعتراض السفن وتؤكد ان المشهد بات عالميا، وان غزة ليست وحدها في معركتها. صور الاعتراضات وانتزاع النشطاء من على متن السفن انتشرت في وسائل الاعلام، وغطت قنوات عربية ودولية الحدث مباشرة، فحولت البحر المتوسط الى مسرح مواجهة يرى العالم تفاصيله لحظة بلحظة.
الحدث لم يكن انسانياً فقط بل سياسياً بامتياز. وجود برلمانيين وشخصيات عامة بعضهم يحمل حصانة برلمانية تضعه في خانة الحماية الدبلوماسية على متن السفن جعل الاعتراض محرج امام القانون الدولي، لان حصانتهم كان يفترض ان تمنحهم حماية اضافية. لكن اسرائيل اصرت على تنفيذ المنع بالقوة العسكرية في خرق صارخ للقانون الدولي الانساني الذي يكفل حق المدنيين في الحصول على الغذاء والدواء عبر ممرات آمنة.
من داخل المشهد لعبت منظمة عدالة من أراضي ال 48 دورا في التوثيق القانوني وتنسيق المعلومات الحقوقية , في رسالة واضحة أن فلسطينيي الداخل لا يقفون موقف المتفرج, بل يوظفون أدواتهم القانونية والسياسية ليكونوا جزءا من الجهد الجماعي لكسر الحصار وكشف الانتهاكات .
اسطول الصمود لن يسجل فقط كحدث عابر، بل كوثيقة تاريخية وسياسية وقانونية, وثيقة تقول ان مواجهة الحصار تحتاج الى جراة واصرار، وان الانسانية قادرة على مواجهة القوة .
وبينما يبقى السؤال مفتوحاً حول من سيحاسب من على خروقات القانون الدولي، يبقى مؤكدا ان اسطول الصمود قد حقق هدفه الأكبر بتذكير العالم بان غزة ليست وحدها، وان الحصار ليس قدرا لا يكسر.
اليوم وبعد مرور سنتين على الحرب التي اندلعت في السابع من اكتوبر يظل الاسطول العالمي لكسر الحصار علامة فارقة في الذاكرة السياسية والانسانية، واذ يخطط المنظمون لموجات قادمة من سفن جديدة، تتضح اكثر فاكثر حقيقة ان الحصار لم يعد قضية محلية تخص غزة وحدها بل قضية عالمية تتعلق بالعدالة وحقوق الانسان والقانون الدولي.
المنظمون تعهدوا بان ما جرى ليس النهاية بل البداية، وان موجات جديدة من السفن ستنطلق مستقبلا، محملة برسالة الى مفادها ان كسر الحصار ممكن وان دعم غزة واجب انساني لا يقبل التراجع.
وبذلك أثبتت الشعوب الحرة من خلال إرسالها اسطول الصمود وخروجها الى الشوارع في انحاء العالم أن ارادتها لا تقهر وانها قادره على فرض العدالة وايصال رسائل قوية للتحرك والتغيير حتى عندما تتقاعس السلطات عن القيام بواجبها .
من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com