شوقية عروق منصور: نعيش بين الرصاصة والرصاصة!

حين نقف أمام أسماء الذين قتلوا في مجتمعنا العربي منذ بداية العام، نصاب بالدهشة التي سرعان ما تحملنا وترفعنا إلى أعلى ثم ترمينا بقسوة على صخور مسننة.

وعندما نصرخ وجعاً، يكون السؤال إلى هذه الدرجة مجتمعنا مزيف، يعاني من الخلل، يتدلى من بيوته وسياراته وأزيائه وشهاداته.. حلقات من البشاعة والخوف والملاحقة والرصاص والأقنعة والركض.. الخ .

أصبحنا نستيقظ على جريمة قتل وننام على جريمة قتل، لا فرق بين مدينة عربية وقرية عربية.. لا فرق بين شارع وطريق وزقاق.. لا فرق بين بيت ودكان ومدرسة وقاعة أفراح وتجمع عزاء.

“جميعنا في الهوا سوا”.. أصبحنا جميعنا في قبضة الرصاص، وأصبح لكل قرية ومدينة عربية جراحها الخاصة ووجعها الخاص. ولكن اذا أردنا أن نجمع فواتير الخوف والقلق والحذر ونلقي بهم في أحضان الأمهات والآباء والزوجات والأبناء، نصبح جميعنا في الموقد الواحد، لا فرق بين حزننا وألمنا ويتمنا فالمشاعر الحزينة الغاضبة واحدة.

أصبحنا نسمع ونقرأ ونشاهد عبر الشاشات صور الجرأة السلبية، التي يتمتع بها مطلق الرصاص، يركض ويطلق الرصاص من مسدسه، بكل حرية وعشوائية.. وحتى يتأكد أن الذي أطلق عليه الرصاص قد مات، يقترب منه. وإذا وجد فيه نفسًا اخيرًا، يعود ويطلق عليه الرصاص حتى يلفظ أنفاسه!

ويكون السؤال: أي مشاعر وأحاسيس قاسية يملكها هذا الذي يتأكد أن الروح صعدت لربّها؟ّ أين تربى حتى يحمل في أعماقه اللامبالاة لروح انسان؟!

هل نعترف بجرأة ونقول: إننا نعامات ندفن رؤوسنا بالرمال؟! هل نردد ما قاله جمال الدين الأفغاني: “شر الأزمنة هي التي ينجح فيها الجاهل ويسكت فيها العاقل”؟ّ!

ولم يعد الجاهل الذي لا يقرأ ويكتب، الجاهل في مجتمعنا الذي يحمل السلاح ويترصد ويلاحق ويقتل، والعاقل هو الصامت الذي يردد مع الراحل فليمون وهبي: “زاحت عن ظهري بسيطة”.

نسبة الجريمة في وسطنا العربي أكبر من نسبة الجريمة في كولومبيا، أي أكبر نسبة في العالم، بالنسبة لعدد السكان!

والسؤال الذي يتضخم ويكبر ويصبح منطاداً يطير في سماء وجودنا هنا:

– لماذا استشرى العنف في الوسط العربي في السنوات الأخيرة بهذا الشكل الجنوني، مقابل انخفاض في نسبة العنف في الوسط اليهودي؟ وهل مجتمعنا يتحمل استمرارية العنف هذا؟!

– هل هناك مخطط من فوق لتدمير مجتمعنا العربي بهدوء، عن طريق تدمير شبابنا، الذين هم آخر قلاعنا أو مستقبلنا، بعد أن ارتفعت عندنا نسبة الأكاديميين وأصبح شبابنا يتبوّؤون مناصب عالية، ولم نعد حسب الشعار المفروض “حطابين وسقاة ماء”؟!

– هل نحن نعيش دون أن ننتبه لأولادنا؟! وهل تربيتنا لهم خطأ؟!

ولنا ان نتساءل أيضاً:

– هل مدارسنا ومؤسساتنا وبيوتنا أصبحت تُخرّج وتنتج مجرمين وقتلة ورؤساء عصابات؟ وهل هناك من يدرب هؤلاء الشباب على القتل وتوفير السلاح؟

وهل نصدق ادعاء الشرطة بأنها لا تعرف من هؤلاء، ومن يقف وراءهم؟!

وهذه نكتة بايخة، لأنهم يعرفون ويراقبون كل شيء.. فالذي يعرف ماذا يوجد في دولة ما، يعرف ماذا يوجد في قرية لا يتعدى عدد سكانها خمسة الآلاف!

لكن الذي نعرفه أن بيوت الأحزان تكبر، ويومياً ترتفع نسب الأمهات الثكالى والأرامل والأيتام.

نعرف أننا نسير في الشوارع، ندخل المحلات والدكاكين، أي مكان، ونحن نتلفت وراءنا خوفاً من رصاصة طائشة.. نعيش بين الرصاصة والرصاصة!

هل نقولها: “مجتمعنا إلى خراب”، دون ان نعد نعرف بعد عشر سنوات كيف سيكون مستقبلنا؟!

 

من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى