نادية كيوان: الحزن لا يُقاس بالعمر!

يظنّ البعض أن الفقد يُقاس بالسن، وأن رحيل شابٍ في مقتبل العمر يُوجِع أكثر من رحيل شيخٍ قضى سنواته الطويلة، وكأنَّ الألم يخضعُ لحساب الزمن!
لكن الحقيقة التي لا تُقال كثيرًا، أنَّ الفقدَ لا يعرفُ المقاييس ولا العُمر؛ فالقلبُ الذي يحبّ لا يفرّق بين صغيرٍ وكبيرٍ حين يُنتَزَع منه من يحب.
حين يموت الشاب، نقول: «يا حسرة على عمرٍ لم يُعش بعد»،
وحين يرحل الكبير، نقول: «قد عاش ما يكفي».
لكننا نغفل أن كِلا الرحيلين يُحدثُ فينا الفجوة ذاتها — فراغًا لا يُملأ، ودمعةً لا تجفّ، وصدى صوتٍ غاب ولا يعود.
الحزن لا يُوزَّع بعدالةٍ بين الأعمار، بل يسكنُ من أحبّ بصدق.
قد تبكي أمٌّ على ابنها العجوز كأنّه طفلها الأوّل، وقد ينهار قلبُ صديقٍ لرفيقٍ شاخ معه، كما ينهار قلبُ أمٍّ فقدت شابًا في زهرة عمره.
فالفقدُ لا يعرف «كم عاش»، بل يعرف «كم أحببنا».
إنها القلوب التي تَحزن، لا الأعمار.
والوجعُ واحد، مهما اختلفت تواريخ الميلاد والرحيل.
لأنَّ الموت حين يخطف منّا من كان ملاذنا، لا يسأل عن عمره… بل يتركنا نعدّ الأيام التي لن يعود فيها.
وربما لا يُخفّف الحزن مرور الوقت، بل يعلّمنا كيف نحمله برفق.
يعلّمنا أن الفقد ليس نقيض الحياة، بل جزء منها.
فكلُّ من غاب، ترك فينا أثرًا من حضوره،
وأوصانا – من غير أن يقول – أن نُكمل الطريق بابتسامةٍ تحفظ ذكراه.
وهكذا نمضي، لا نتعافى تمامًا، لكننا نتعلّم كيف نعيش بنصف قلبٍ ينبض حبًّا، ونصفٍ آخر يسكنه الغياب.

من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى