د. رافع يحيى: الشرق الأوسط ميت دون بيت عزاء!

للموت أكثر من تعريف
للحياة أكثر من تعريف
الجغرافيا والمواطن وجهان لعملة واحدة وسيف الموت يجتاح كليهما. الجغرافية كئيبة والإنسان مصاب بالضّياع والهزيمة.
الشرق الأوسط، هذه المنطقة التي شهدت ولادة الحضارات والأديان، بات اليوم ساحةً للصراعات والنزاعات التي لا تنتهي. فالأحداث الدامية، من الحروب المستمرة إلى الانهيارات السياسية والاقتصادية، تجعل المنطقة تبدو وكأنها ميتة دون مراسم عزاء رسمية.
حال يرثى لها، تعددت التفرقة والموت واحد، تعددت الصفقات والنتيجة واحدة.. وأسفي على واقع لايسر الصديق أو العدو. نعزي أنفسنا فنقول أمريكيا تستعمر اوروبا، فمن نحن حتى تنسانا!
الموت في بلاد العرب أوطاني، لم يعد مجرد حدث فردي، بل أصبح واقعًا يوميًا، يُدفن مع الضحايا دون وداع، في زوايا الأخبار وفي قلوب الناجين. إنه حتى شكل من أشكال الموت التي عهدناها في القرون الوسطى وعصور الانحطاط. ولم تعد أي قيمة في هذا الشرق لحفلة أو مهرجان أو مونديال أوخطبة أو حتى مولد!! الجميع مصاب بلعنة الفقدان، لعنة السقوط من علٍ! هذا الشرق أساطيره منقوشة على الحيطان والصخور! متى يستيقظ!
النكبات التي تصيب المنطقة ليست مجرد أزمات عابرة، بل تراكمٌ طويل من التآكل السياسي، والانهيارات الاقتصادية، والانقسامات الطائفية، والضعف الجمعي، حتى غدت الحياة فيها ضربًا من المعاناة المستمرة. وكأن هذا الشرق لا يستحق حتى جنازة لائقة، ولا نواحًا يُعبر عن الفقدان، بل يواصل الموت بصمت، دون أن يتوقف العالم للحظة صمت واحدة.
هل يريدنا العالم!
هل يحترمنا!
منذ مئة سنة ونحن في نفس الوزن النوعي
لعنة سايكس بيكو، غولة تأكلنا!
ما هذا الشرق! لقد بات حارة عابرة! ثلاجة مهترئة، لا تثير إعجاب أحد، الكل يراه كقصر مهلهل ومهترئ. مسخرة، كل خمسة يحملون علمًا ويرقصون به. دون أن يدروا ما يحيط بهم من خطر عظيم! أين الدول! أين الحدود! أين السيادة! أين القرار الحر! أين كرامة المواطن! أين الانتعاش الاقتصادي! لدينا جياع وجهلة وألقاب لا حصر لها ولا عدد! والنتيجة صفر! وكلما ودّ ديك أن يوقظنا للصلاة ذبحناه!
نتسلح بالأمل فنقول، لكن رغم هذا المشهد القاتم، تبقى الحياة قادرة على شق طريقها وسط الركام، فالشرق الأوسط ليس مجرد جغرافيا للخراب، بل موطنٌ للأمل والصمود، حيث يواصل الناس الحلم، والبحث عن الحياة وسط الموت المتكرر. ومن باب الأمل نقول، أمجاد يا عرب أمجاد!

من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى