الأستاذ مأمون كبها: عندما تُسفك البراءة في ساحات العلم!

أيُّ وجعٍ هذا الذي يعتصر القلوب حين تتحوّل المدرسة من هذا الحرم الطاهر الذي شُيّد ليحتضن الأحلام ويصنع المستقبل إلى ساحة دماء وصرخات؟
جريمةُ قتل الطالب محمد حسين مرزوق داخل أسوار مدرسة أمجاد في كفر قرع ليست مجرّد حادثة مأساوية، بل هي زلزالٌ تربويّ وأخلاقيّ يهزّ الضمير الإنساني، ويكشف عمق الخلل الذي استشرى في جسد المنظومة التربوية والمجتمعية معًا.
لقد تجاوز العنف حدوده، وتخطّى أسوار المدارس، حتى غدا يطرق أبواب الصفوف وينغرز في قلب التربية ذاتها. إنها ليست جريمة بحق فتى فحسب، بل طعنةٌ في وجه التعليم، وإهانةٌ لرسالة المعلم، وانهيارٌ لقيمة الإنسان التي وُجدت المدرسة لأجل صونها ورفعها.
وهنا لا بدّ من وقفة صادقة، شجاعة ومسؤولة، من وزارة التربية والتعليم ومن دائرة مديري المدارس وكل أصحاب القرار التربوي، فالتربية ليست مجرّد إدارة أوراق وجداول، بل صناعة ضمير وحماية إنسان.
لقد آن الأوان لنقولها بوضوح كفى للمحسوبيات، كفى لتوريث المناصب، وكفى للعزب الخاصة التي تُدار فيها المدارس كأنها مزارع شخصية.
إنّ المدرسة ليست ساحة نفوذٍ ولا ميدان تجاذبات سياسية، بل بيتٌ لكلّ طفلٍ، وميدانٌ يربّي على العدالة والمساواة لا على التمييز والمصالح.
ما لم تُطهّر مؤسساتنا التعليمية من التسييس والمحاباة، وما لم تُبنَ إداراتها على الكفاءة والمسؤولية والضمير، فستبقى جذور العنف متغذّية من الظلم والتفرقة وغياب القدوة.
رحم الله الفقيد محمد حسين مرزوق، وأسكنه فسيح جنّاته، وجعل مصابه صرخةَ يقظة وضمير في وجه كلّ متقاعسٍ أو متواطئٍ أو صامت.
ولنرفع جميعًا صوتنا عاليًا
كفى للعنف… كفى للمحسوبيات… كفى لتسييس المدارس.
ولتعد المدرسة منارةَ علمٍ وكرامةٍ وأمانٍ، لا مسرحًا لأحزانٍ ودماء.
من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com



