د. سمير صبحي – رئيس بلدية ام الفحم: العنف.. حين يهدد مستقبلنا جميعًا ويدخل مدارسنا!

إلى أهلي في بلدي…

لم نفقْ بعد من مقتل الشاب قاسم عاصلة – 18 عامًا – من عرابة، حتى صدمنا بمقتل الطالب محمد مرزوق – 17 عامًا – من عرعرة الذي قتل صباح الاثنين في مدرسته في كفر قرع. مأساة تلو أخرى، ودماء جديدة تسيل في شوارعنا، وكأنّ مجتمعنا يعيش على وقع الحزن المستمر.

هذا الواقع المؤلم لم يعد يُحتمل، فهو يهدد وجودنا، مستقبل أبنائنا، وأمن مدارسنا وبلداتنا العربية جميعها.. لقد أصبح العنف في المجتمع العربي ظاهرة مركّبة تتجاوز حدود الأمن، وتلامس أعماق التربية والهوية والانتماء. الأخطر أنّه بدأ يتسلل إلى مدارسنا، إلى ساحات الطفولة وصفوف التعليم، حتى صار بعض طلابنا يواجهون العنف يوميًا، لفظيًا، جسديًا، أو عبر شبكات التواصل. عندما يخاف الطفل من زميله أو يُهان المعلم في مدرسته، فنحن أمام أزمة تربوية عميقة.

إنّ المدرسة هي قلب المعركة ضد العنف. فيها تُبنى القيم الأولى، ومنها تنطلق التربية على الاحترام، التسامح، ضبط النفس، وحلّ الخلاف بالحوار لا بالصراخ أو اليد.

لكن المدرسة لا تستطيع النجاح وحدها، ما لم يكن البيت شريكًا حقيقيًا. فالبيت هو المدرسة الأولى، والوالدان هما القدوة الأولى. حين يسمع الطفل في بيته كلمات احترام ومحبة، سينقلها إلى مدرسته ومجتمعه.

وهنا يأتي الدور المحوري للسلطات المحلية العربية — البلديات والمجالس — التي تبذل جهودًا متزايدة لمواجهة العنف عبر برامج توعوية، مبادرات تربوية، مراكز شبابية، ومشاريع إصلاح ذات البين. هذه الجهود تستحق التقدير، لكنها تصطدم يوميًا بواقعٍ مؤلم من تقصير الشرطة والحكومة في أداء واجبها.

التحقيقات للأسف لا تتقدّم، القتلة لا يُحاسبون، والأسلحة ما زالت تنتشر بلا رادع. كيف يمكن أن نزرع الثقة والأمان في قلوب شبابنا بينما يرون الجريمة تُرتكب في وضح النهار دون عدالة؟

ومع ذلك، ورغم هذا التقصير الفادح، فإنّ الأمل لا يزال ممكنًا. وما تزال في مجتمعنا طاقات حية، معلمون يربّون قبل أن يعلّموا، أئمة يدعون إلى التسامح والتصالح، لجان أولياء أمور تبني جسورَ ثقة، وشباب يسعون إلى التغيير الإيجابي.

نحن بحاجة إلى نهضة تربوية واجتماعية شاملة تشمل الجميع:

تربية على القيم والاحترام والانتماء منذ الطفولة.

تعزيز التكافل الاجتماعي؛ أن نشعرَ بألم بعضنا وأن لا نصمتَ أمام الخطر الذي يهدد أبناءنا جميعًا.

إقامة شراكات حقيقية بين البيت، المدرسة، السلطة المحلية، الدعاة، ولجان أولياء الأمور.

مطالبة جادة ودائمة للدولة بتحمل مسؤوليتها الأمنية تجاه المواطنين العرب كواجب لا كمنّة.

دم محمد مرزوق وقاسم عاصلة وغيرهما من الضحايا أمانة في أعناقنا جميعًا، لكل بلدة عربية.. رسالتهم أن نزرعَ مكانَ الخوف ثقة، ومكان الغضب حوارًا، ومكان الكراهية أملًا.

إنّ مجتمعنا العربي، رغم الجراح، ما يزال يملك من القيم والتكافل ما يجعله قادرًا على النهوض من جديد، لأنّ الحياة أقوى من العنف، والإنسان أكرم من السلاح.

* “سفيرات الأحياء”.. نموذج جديد للمسؤولية المجتمعية

في مدينة مثل أم الفحم، التي تنبض بالحياة وتزخر بطاقات نسائها وشبابها، نؤمن أن بناء مجتمع قوي يبدأ من الحيّ، من البيت، ومن كل مبادرة صادقة تسعى لخدمة الناس وتعزيز روح الانتماء.

من هذا المنطلق، نرى في مبادرة “سفيرات الأحياء” خطوة نوعية تحمل في طياتها رؤية عميقة لمستقبل المدينة – مدينة تشارك فيها النساء بدور قيادي، وليس فقط في العمل البلدي، بل في بناء الثقة والتعاون بين الناس، وفي نشر قيم الحوار، التسامح، والمسؤولية المشتركة.

هذه المبادرة ليست مشروعًا عابرًا، بل هي فلسفة عمل جديدة تُعيد تعريف العلاقة بين المواطن والبلدية، وتجعل التواصل والشفافية والمبادرة المحلية أساسًا للتنمية والتغيير.

وجود السفيرات في الأحياء يعني أن لكل حيّ صوتًا يسمع، ولكل بيت من يمثل قضاياه باحترام ووعي.

إن ما نحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى هو تعزيز روح العمل الجماعي، والانتقال من الشكوى إلى الفعل، ومن الانتظار إلى المبادرة.

فكل خطوة صغيرة نحو بيئة أنظف، حيّ أكثر أمانًا، ومدرسة أكثر تفاعلًا – هي لبنة في بناء مدينة متماسكة ومزدهرة.

إنني أرى في النساء المشاركات في هذه المبادرة نموذجًا يُحتذى به في العطاء والمسؤولية، وأدعو إلى تعميم هذه الفكرة في جميع أحياء أم الفحم، لتصبح “سفيرات الأحياء” حركة اجتماعية تقودها نساء المدينة بروح التعاون والأمل.

كل الشكر لعضوة البلدية من مجلس النساء البلدي المربية اسراء محاميد، ولمديرة المنتدى النسائي البلدي السيدة سعدة ياسين، ولكل من يمدّ يده لخدمة الناس بمحبة وإخلاص.. معًا نبني أم الفحم التي نريدها: مدينة متطورة، آمنة، وإنسانية – اجتماعية في جوهرها.

* يوم المشي العالمي في أم الفحم: صحة، شراكة، ومجتمع واعٍ!

أمس الخميس، احتفلت مدينة أم الفحم بيوم المشي العالمي بمشاركة مئات الطلاب من مدارس المدينة في أجواء مفعمة بالحيوية والنشاط في مسيرة جسّدت روح التعاون والعمل المشترك من جهة والاهتمام بالمشي كآلية للمحافظة على الصحة. فالمشي ليس مجردَ نشاطٍ رياضيٍ، بل هو أسلوب حياة صحي ينعكس إيجابًا على الجسد والنفس، ويعزّز من جودة الحياة اليومية، ومن خلاله أيضا نبعد طلابنا وأبناءنا عن العنف والجريمة.

هذه الفعالية لم تكن لتتحقق بهذا النجاح لولا الشراكة الفاعلة بين أقسام البلدية المختلفة، مثل قسم الصحة، قسم الرياضة، قسم الحصانة المجتمعية والمنتدى النسائي البلدي، المدارس بكافة مراحلها، والمراكز الطبية مثل صندوق المرضى مئوحيدت ومشفى النور الطبي، التي عملت بتناغم وتنسيق مثالي. هذا التعاون هو نموذج يُحتذى به في العمل البلدي المجتمعي، ويؤكد أنّ الصحةَ العامةَ مسؤولية جماعية تتطلب تضافر الجهود من أجل بناء مجتمع واعٍ وسليم، حيث تجسّدت الشراكة الحقيقية من أجل هدف واحد هو تعزيز الوعي الصحّي في مجتمعنا. هذه الروح التعاونية هي ما نصبو إليه دائمًا في بلدية أم الفحم، عمل جماعي يثمر إنجازات جماعية، لمستقبل صحّي وآمن لأبنائنا جميعًا.

* غدًا السبت: الافتتاح الرسمي لمنتزه حيّ البيار

ضمن الرؤيا الاستراتيجية لبلدية ام الفحم بأنّ المنتزهات هي جزء من المشهد الفحماوي الذي يجب ان يسود في كل مناطق ام الفحم، ولأننا نؤمن أن المنتزهات متنفّس للعائلات نحارب من خلاله آفة العنف والجريمة في مجتمعنا، سواء منتزهات احياء او منتزهات كبيرة، مثل منتزه إسكندر الذي يتم العمل فيه حاليًا ضمن المرحلة الثانية، او منتزه الظهر الذي ستصل مساحته لنحو 60 دونمًا، ضمن هذه الرؤيا نفتتح غدًا السبت منتزهًا جديدا في حي البيار، خدمة للعائلات والأولاد، ومتنفسًا قريبًا للأسر في هذا الحي.

وسيتخلل البرنامج: كلمات ترحيبية ومجموعة من الفعاليات والمحطات الترفيهية والفنية التي تضفي أجواءً من البهجة والحيوية للزوار من تنظيم وتنفيذ المركز الجماهيري.

من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى