محمد عبد الرؤوف محاميد: مسرحية «علي بابا والأربعون لصًّا».. مغامرة مسرحية تعيد تعريف القيم في زمن الطمع

بدأ مسرح الميادين- أم الفحم عروضه لمسرحيته الجديدة “علي بابا والأربعون لصاً”، اعتبارا من يوم الثلاثاء الفائت (11/11/2025) في مركز العلوم والفنون – أم الفحم، وخلال عرضين مميزين شاهد طلاب مدرسة الفارابي-أم الفحم، هذه المسرحية التي تنبض بالحياة، تجدر الإشارة إلى أن ي مسرح الميادين شارك بعمله الجديد يوم الأحد (16/11/2025)، ضمن مهرجان أيام الطفل والشباب، المعقد في الناصرة في القصر الثقافي ما بين تواريخ 12-23/11/2025.
ما يميز هذا العرضٍ المسرحيّ أنه يفيض بالحركة والرمز، حيث قدّم المخرج عبد الرؤوف محاميد والمعدّ خالد الصالح مسرحية «علي بابا والأربعون لصًّا» إنتاج جمعية «الميادين» – تجربة درامية تضع المتفرّج أمام مرآة الأخلاق، وتدعوه للتأمل في معنى القناعة والعمل الشريف في عالمٍ بات المال فيه محور العلاقات والمعايير، منذ المشهد الأول، يأخذنا العرض إلى سوقٍ نابضٍ بالأصوات والضجيج، حيث تتقاطع أصوات الباعة والحمالين مع أصوات الضمير الإنساني. السوق هنا ليس مجرد فضاء تجاري، بل صورة مكثفة عن المجتمع الذي تتنازع فيه القيم: بين من يكدّ بعرقه ومن يلهث وراء الثراء السريع.



دراما توازن بين المتعة والفكرة
يُبنى النص على إيقاعٍ متدرج، تتحرك فيه الشخصيات ضمن صراع بين الطمع والضمير. تتجلّى البراعة في رسم شخصية علي بابا بوصفه إنسانًا بسيطًا، يكتشف الكنز لكنه يواجه اختبارًا أشدّ صعوبة: أن يبقى وفيًّا لضميره. يقف في مواجهة أخيه قاسم الذي يسقط في فخّ الجشع وينتهي مأساويًّا، ولأن المسرحية لا تكتفي بالحكاية، فإنها تفتح باب التأمل في أسئلة أعمق: هل الغنى الحقيقي في الذهب أم في راحة الضمير؟ وهل يمكن للخير أن يصمد أمام إغراء المال؟
الأداء واللغة والرمز
تميّز الحوار بمزيجٍ جميل من الفصحى الرشيقة والفصحى السهلة، ما جعل النص قريبًا من الجمهور دون أن يفقد قيمته الأدبية. واستخدم المخرج اللغة الجسدية للممثلين باقتدار؛ فكل حركة كانت تحمل معنى، وكل صمتٍ كان امتدادًا للكلمة.
أدّى الممثلون أدوارهم باحترافٍ وانسجامٍ لافت، فجسّدوا شخوصهم بإحساسٍ واقعيّ يوازن بين السخرية والعبرة، بينما برزت شخصية مرجانة رمزًا للحكمة والإخلاص، وجسرًا بين الحلم والواقع.
صورة بصرية آسرة
قدّم الديكور والإضاءة لوحة بصرية متكاملة: من السوق المزدحم بالبشر والسلع، إلى البيوت الفقيرة المغمورة بالضوء الخافت، وصولًا إلى المغارة الغامضة التي تختزن بريق الذهب وصدى الضمير. تناغم اللون والظلّ والحركة مع الموسيقى المصاحبة، فكان العرض أقرب إلى قصيدة بصرية تتنفس القيم.
رسالة إنسانية وتربوية
تؤكد المسرحية أن العمل الشريف هو جوهر الكرامة الإنسانية، وأن التعاون والتكافل هما الأساس في بناء مجتمعٍ يواجه مغريات الفساد، من خلال مغامرة مشوقة تمتزج فيها الفكاهة بالحكمة، أعادت الفرقة تقديم الحكاية الخالدة بروحٍ معاصرة تُخاطب ضمير الجيل الجديد وتمنحه درسًا في الأمانة والقناعة.
في النهاية، تبقى مسرحية «علي بابا والأربعون لصًّا» تجربة فنية متكاملة، تجمع بين متعة الأداء وقوة الرسالة، لتؤكد أن المسرح العربي ما زال قادرًا على استنهاض الوعي الجمالي والأخلاقي معًا.
يشارك في المسرحية:
الممثلون: محمد اسماعيل، أحمد عادل جبارين، رواد عازر، ناريمان أيوب، محمود كيوان، خليل مصالحة، نسرين سلمان
مصمم الديكور: خالد صالح وأحمد عادل، منفذ الديكور: أحمد عادل.
موسيقى وألحان الأغاني: معين دانيال.
ملابس: فاطمة محاميد.
مديرة إنتاج: سالي عكاوي
إخراج: محمد عبد الرؤوف محاميد




من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com



