رافع يحيى: أزمة حادّة بين حكومة نتنياهو والعرب: قراءة سياسية في تصعيد غير مسبوق

تمرّ الساحة السياسية في إسرائيل بمرحلة احتقان غير مسبوق، تتجلّى في تصعيد خطير يقوده رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو وحلفاؤه اليمينيون في الحكومة، موجّه بشكل مباشر نحو المواطنين العرب وممثّليهم السياسيين. هذا التصعيد لا يقف عند حدود الخطاب التحريضي، بل يتجاوزها نحو مساعٍ تشريعية تستهدف إعادة هندسة الخريطة السياسية وإقصاء العربي بالكامل من المجال العام.
في الأيام الأخيرة، برزت تصريحات وصفت بالخطيرة، تتحدّث صراحة عن إخراج الحركة الإسلامية الجنوبية من اللعبة الانتخابية واعتبارها “غير قانونية”. هذا الطرح، الذي يحمل في طيّاته نزعة إقصائية صريحة، لا يمكن عزله عن سياق أوسع يتمثّل في الدفع باتجاه سنّ قوانين عنصرية تهدف إلى إعادة تعريف شرعية الوجود السياسي العربي وفق معايير يمينية قومية مغلقة.
تترافق هذه السياسات مع حملة تحريضية يقودها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، الذي يواصل التأليب المنهجي على المواطنين العرب، مستخدمًا لغة تلامس حدود “التكفير السياسي” وتُعيد إنتاج سردية ترى في العرب “خطراً ديموغرافيًا وأمنيًا” لا مكوّناً أصيلاً في الدولة. هذا التحريض ليس عفويًا، بل هو إستراتيجية ضغط تهدف إلى خلق مناخ يمكن تبرير تشريعات الإقصاء ضمنه.
إنّ ما يجري اليوم ليس مجرّد سجال سياسي؛ بل هو إعادة تشكيل للحيّز الديمقراطي بما يخدم مشروع الهيمنة اليمينية الساعية إلى خلق “ديمقراطية إثنية” تُقصي كل من يختلف مع الرواية الرسمية. نحن أمام لحظة يتم فيها تحويل المواطنة إلى امتياز قابل للسحب، والتمثيل السياسي إلى “خطر يجب احتواؤه”.
إنّ تفاقم الأزمة بين نتنياهو والعرب ينبئ بمشهد أكثر قتامة، إذ يجري العمل على نزع الشرعية عن القوى العربية ومنح الغطاء القانوني لمشاريع التهميش. ومع استمرار التحريض، وتحوّل اليمين المتطرّف إلى قوّة مركزية في الحكم، يصبح السؤال المطروح: هل تتجه إسرائيل نحو مأسسة العنصرية وتحويلها من خطاب إلى منظومة قانونية ثابتة؟
ما تحتاجه المرحلة هو خطاب عربي جامع، وموقف دولي واضح، وتحرك مدني وسياسي يرفض هذه النزعة الإقصائية التي تهدد أساسيات النظام الديمقراطي ذاته. فالأزمة لم تعد أزمة تصريحات، بل أزمة مستقبل وجود سياسي كامل يُعاد تشكيله تحت ضغط التحريض والتشريع العنصري.
من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com



