د. محمود ابو فنة: في ذكرى وفاة الصديق العزيز ب. فاروق مواسي

في هذا التّاريخ 26.6.2020 وقبل حمس سنوات لبّى الصّديق فاروق مواسي أبو السيد نداء الحقّ، فترك في نفوس الأهل الكرام وأصدقائه وطلّابه ومحبّيه الكثيرين الحزن واللّوعة على رحيله المفاجئ، فقد كان في قمّة العطاء، ولكن هذه مشيئة الباري ولا رادّ لمشيئته.
واليوم أعود لشريط الذّكريات وعلاقتي الشّخصيّة والمهنيّة بالمرحوم:
عرفت المرحوم عام 1967 عندما باشرتُ عملي مدرّسًا في مدرسة باقة الثّانويّة، وتوطّدت علاقةُ الصّداقة بيننا، كنّا نلتقي ونتزاور في المناسبات، وغير المناسبات، ونتبادل أطراف الحديث المثري والممتع.
وبعد عشر سنوات عندما عيّنت مفتّشًا مركّزًا لتعليم اللّغة العربيّة ولإعداد مناهجها، بادرتُ ودعوتُه ليشاركنا في تأهيل المعلّمين لتطبيق منهج الأدب العربيّ للثّانويّة (الّذي صدر عام 1981) لمعرفتي بغزارة اطّلاعه على روائع الأدب العربيّ ولذائقته الأدبيّة الرّفيعة، وقد كان للمرحوم دور فعّال في الأيّام الدّراسيّة الّتي عقدناها.
واستمرّ التّعاون المهنيّ بيننا بعد تعيينه عضوًا في لجنة إعداد منهج القواعد العربيّة للمرحلتين الإعداديّة والثّانويّة (صدرهذا المنهج عام 1990) كما شارك في إعداد كتب التّدريس مع كتاب المرشد للمعلّمين في الموضوع.
وكانت هناك محطّات أخرى للتّعاون والمشاركة المهنيّة بيننا، ولكنّي سأنتقل للتّحدّث عن خصال المرحوم أبو السيّد وحياته الحافلة بالعطاء والإبداع:
تمتّع المرحوم بذاكرة قويّة مكّنته من حفظ الكثير من الأشعار وسور القرآن الكريم.
كما امتلك موهبة أدبيّة أهّلته لكتابة الشّعر والنثر الأدبيّ وانعكست في مؤلفاته الكثيرة، حيث ألّف ونشر أكثر من سبعين كتابًا، وقد أهّلته بحوثة ودراساته الجادّة العميقة لنيل لقب الأستاذيّة – البروفيسورة.
واتّصف المرحوم بالطّموح الرّاسخ الّذي تمثّل في توجّهه للدّراسة الجامعيّة ومثابرته حتّى حصوله على لقب الدكتوراه.

وتحلّى أبو السيّد بعشقه القراءة/المطالعة في مجالات الأدب والنّقد والتّربية والتّاريخ وو… مستغلًا مكتبته الغنيّة المتنوّعة المرتّبة الّتي حوت أكثر من خمسين ألف عنوان وكتاب. وقد كتب عن هذا الشّغف بالقراءة في كتاب سيرته الذّاتيّة: “لا أتصوّر أيَّ عالَم آخر أعيشُ فيه دون كتاب، حتّى لو كان جنّة” (أقواس من سيرتي الذّاتيّة. ص 192)
وكانت لديه ثقافة موسوعيّة وذائقة أدبيّة رفيعة مكّنته من كتابة المقالات الاجتماعيّة والتّربويّة والدّراسات والأبحاث النّقديّة التي شكلّت زادًا سمينًا للقرّاء والدّارسين.
وآمن أبو السيّد أنّ له رسالة العطاء عبّر عنها في كتابته، فقد كتب في سيرته يقول: “أكتب لأنّي مضطرٌّ أنْ أقدّم الثّمرات وكأنّني شجرة قد تكون عذبة شهيّة وقد لا تكون…
ويستطرد: كتاباتي لا تأتي طواعيّةً وترفًا، بل تأتي تعبيرًا عن قلقٍ ينتابني، أستحثُّ التّعبير نحو الأفضل والأمثل…أكتب حتّى لا أموت!!” – (كتاب: أقواس من سيرتي الذّاتيّة ص96- 97).
ويمكن القول إن حياة المرحوم أبو السيّد كانت عريضة مديدة بفضل عطائه الجمّ، وكان متفائلا بشوشا لا تفارق البسمةُ محيّاه، وكان نِعمَ الزّوج والأب الحاني والمحبّ لأسرته.
نسأل اللهَ العليَّ القدير أن يتغمّده بواسع رحمته، وأن يسكنَه فسيحَ جنّاته، وأن يُلهمَ زوجتَه الكريمة والأبناءَ والأحفاد وأهله الصّبر والسّلوان.
من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com