باقة من فتاوى مجلس الافتاء في الداخل الفلسطيني برئاسة فضيلة الشيخ أ.د. مشهور فواز

س. ما حدود العلاقة بين العاقدين قبل الزّفاف؟

نحذّر من الفوضى في العلاقة بين العاقدين قبل الزّفاف لما يترتب على ذلك من مفاسد اجتماعية ، فالقلوب تتغير وتتبدل ، وقد لا يستمر هذا الزّواج فتكون الضّحية هي الفتاة ، وعلاوة على ذلك فإنّ الفتاة قبل الزّفاف في عرف النّاس تعتبر مخطوبة رغم وجود العقد .

وقد ثبت بالتّجربة أنّ أغلب حالات حلّ رابطة العقد قبل الزّفاف سببه مثل هذه الفوضى في العلاقة بين العاقدين وعدم مراعاة العرف السّائد في مثل هذا الأمر، حيث جرت العادة ألاّ يتمّ الدّخول إلاّ بعد الزّفاف والإشهار، وهذا عرف لا يتعارض مع الشرع بل يحقق المقاصد الشّرعية الكبرى .

وبناءً عليه لا بدّ أن تقيّد العلاقة بين العاقدين قبل الزّفاف بالعرف : فلو أذن العرف بأن تكشف عن شعرها مثلاً فلا مانع ولكن ننصح  بعدم المبالغة والإكثار  من ذلك كي يبقى عنصر الاشتياق بين العاقدين قائماً ، ولو جلسا في غرفة لوحدهما والباب مفتوح والأهل في البيت بحيث في كلّ لحظة قد يأتي أحد من أهل البيت ويدخل عليهما فلا مانع ولو خرجت معه مع وجود طرف ثالث كمحرمٍ لها أو إحدى محارمه من النّساء فلا مانع.

ونؤكّد على ضرورة الحذر من الفوضى  في العلاقة والتمادي الذّي يخرج عن حدود العرف والذّوق السّليم، لأنّ القلوب تتغير وتتبدل والضحية  الوحيدة بسبب ذلك هي الفتاة .

ونذكّر كلاً من الشاب والفتاة باستثمار هذه الفترة لدراسة أحدهما الآخر عن قرب ليزداد معرفته به ولفهم شخصيته وعقليته بصورة بعيدة عن التكلف والتصنع، إنّما ينبغي أن يظهرا على سجيتهما وحقيقتهما فإنّ ذلك أدعى لنجاح الحياة الزوجية واستمراريتها فيما بعد .

وننصح بالإسهام في عملية الإسراع بالزفاف عن طريق تذليل عقباته من نفقات كثيرة وتكاليف باهظة .

س. ما حكم الطّلاق قبل الدّخول؟

ملخص المسألة: إذا وقع الطّلاق قبل الدّخول الحقيقي بانت المعقود عليها وأصبحت بحكم الأجنبية عن العاقد على الفور .

التّفصيل: للعاقد قبل الدّخول الحقيقي بالمعقود عليها طلقة واحدة فإذا تلفظ بالطّلاق ولو مرة واحدة فإنّها تبين منه فورًا  أي تصبح أجنبية عنه ولا تحلّ له إلاّ بعقد جديد وبعد ذلك ترجع إليه برصيد طلقتين وليس ثلاثًا سواءٌ أكان العقد رسميًا أم مسجلاً في الدّوائر الرّسمية أم غير رسمي وهو ما يسمّى الاملاك الشرعي أو البراني.

س. ما حكم الطّلاق في حال الهزل؟

الطلاق هزله وجدّه سواء لما رواه أبو داود (2194)، والترمذي (1184)، وابن ماجه (2039): ” ثلاث جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النكاح، والطلاق، والرَّجْعَةُ”. قال التّرمذيّ: “هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ”.

س. ما حكم الطّلاق في حال الغضب؟

هنالك مقولة شائعة بين النّاس أنّ الطلاق لا يقع في حالة الغضب وهذا الكلام على اطلاقه ليس دقيقًا لأنّه لو قلنا أنّ طلاق الغضبان لا يقع على الاطلاق فليس على وجه الأرض طلاق لأنّه لا أحد يطلّق زوجته وهو فرحان – كما يقال – فالزوج يتلفظ بالطلاق غالبًا وهو غضبان، وإنّما الذّي عناه الفقهاء في كتبهم هو الطّلاق في حالة الاغلاق وهي حالة هيستيرية جنونية بحيث لا يدري ولا يعي المرء ما يقول. ووصفوا حاله بأنّه لا يعرف الجدار من الحمار ولا الأرض من السّماء أي يكون في حالة هذيان. وأمّا إذا كان يدرك ما يقول ولديه القدرة بأن يسيطر على ألفاظه وإرادته فيقع الطلاق عند المذاهب الأربعة ولو كان الغضب شديدًا .

س. هل يقع الطّلاق في حالة الحمل والحيض والنّفاس وهل يشترط سماع الزّوجة؟

ملخص المسألة: الطّلاق يقع في حالة الحمل وفي حالة الحيض والنّفاس سواءٌ علمت بذلك المرأة أم لم تعلم ولا فرق بين التّلفظ أو إرسال رسالة بالطّلاق.

تفصيل المسألة: هنالك مقولة شائعة بين النّاس أنّ طلاق المرأة  الحامل لا يقع والبعض يعتقد أنّ الطلاق لا يقع إلاّ إذا تلفظ به الزّوج أمام الزوجة وكثر يعتقدون أنّ الطلاق لا يقع إلاّ أمام القاضي وبموافقة الزوجة..

وهذه المفاهيم المغلوطة المتناقلة بين النّاس لا أساس لها في الشّرع اطلاقًا ، فالطلاق يقع في حالة الحمل بالإجماع كما أنّه يقع في حالة الحيض والنّفاس باتفاق المذاهب الأربعة كما أنّه يقع ولو بالمراسلة والكتابة. فلو كتب الزوج في رسالة عبر الهاتف (sms) لزوجته كلمة   “طالق” وقع الطلاق بمجرد كتابة الرسالة. وتعتدّ المدخول بها من لحظة كتابة الرّسالة ولو لم تصلها الرسالة.

س. ما أثر التّلفظ بالألفاظ الكفرية على عقد الزّواج؟

ملخص الإجابة: عقد الزّواج والخطبة يفسخ بسبب سبّ الذات الالهية أو القرآن الكريم أو نبيّ من الأنبياء أو المصحف أو الدّين على الفور، سواءٌ أكان دخول أم لم يكن دخول .

التّفصيل: إنّ سبّ الذّات الالهية أو الدّين أو الربّ أو القرآن الكريم أو نبيّ من الأنبياء ردة عن الاسلام بإجماع العلماء وبناءً عليه يفسخ عقد الزّواج وتصبح الزوجة بحكم الأجنبية عن زوجها. بمعنى أنّ حياتها معه تصبح بالحرام وإن أتاها فإنّه يأتيها بالحرام وإن أنجب منها فإنّه ينجب منها بالحرام.

ولعلّ هذا السّبب الخفيّ الباطن وراء ما نلمسه من الشجار والخصومات والكراهية بين أبناء الرّحم والصّلب الواحد.. ولعلّ هذا سبب العقوق وسبب انتزاع البركة والاستقرار في حياتنا الاجتماعية ككلّ والزوجية بشكل أخص.

وبناءً عليه، يجب على من سبّ الذات الالهية أو الدّين أو القرآن الكريم أو المصحف الشّريف أو نبيًا من الأنبياء سواءٌ كان الشخص عاقدًا أم خاطبًا وسواءٌ كان العقد رسميًا أم غير رسمي وسواءٌ أكان دخول بالزوجة أو لم يكن دخول ما يلي:

أولا: التوبة الصّادقة والمعاهدة الربانية الصّادقة ألاّ يعود لهذا القول.

ثانياً: أن يتلفظ بالشهادتين بنية الرّجوع للإسلام.

ثالثا: إذا لم يكن دخول بين العاقدين يجب تجديد العقد بالاتفاق، بخلاف الزوجة  التّي تمّ الدخول بها  فإنّه بمجرد التوبة والعودة إلى الاسلام ترجع لزوجها طالما أنّ التّوبة قد تمّت قبل انتهاء العدة. وهذا أسهل الأقوال في المسألة وهو مذهب الشّافعية، فإن انتهت العدة قبل التوبة لزم عقد بالاتفاق .

ملاحظة: العدة هي عبارة عن ثلاث حيضات لغير الحامل وأمّا الحامل فحتى تضع حملها ، واليائس من المحيض عدتها ثلاثة أشهر .

فائدة مهمة: لو كانت الفتاة مخطوبة أي غير معقود عليها لا بعقد رسمي ولا بعقد غير رسمي فإنّها تحرم أيضًا على الخاطب حتى يتوب توبة صادقة ويتعهد بعدم الرّجوع لمثل هذا الفعل ويتلفظ بالشهادتين بنية الرجوع إلى  الاسلام .

س. يقول السّائل: يوجد في مسجد بلدتنا انحراف قليل عن القبلة فما حكم ذلك؟

الجواب: من شروط صحة الصّلاة استقبال القبلة ،ويقصد باستقبال القبلة عند الشّافعية استقبال عينها ولا يجزئ استقبال جهتها سواء كان المصلّي قريبًا من الكعبة المشرفة أم كان بعيدًا عنها.

إلاّ أنّه إذا كان قريبًا منها فلا بدّ من استقبال عينها يقينا وليس بناءً على الظّن. وأمّا إذا كان بعيدًا عنها فإنّه يجزئ استقبال عينها بناءً على الظّنّ والاجتهاد .

بينما عند الحنفية لا يجب على من ليس بمكة استقبال عين الكعبة وإنّما يكفي فقط استقبال جهتها، وكذا من كان بمكة وبينه وبين الكعبة حائل يمنع المشاهدة فحكمه كحكم الغائب عن مكة..

جاء في كتاب اللّباب شرح الكتاب (ص\63) قوله: (ويستقبل القبلة) ثم إن كان بمكة ففرضه إصابة عينها، وإن كان غائبا ففرضه إصابة جهتها، هو الصحيح؛ لأن التكليف بحسب الوسع. وفي معراج الدراية: ومن كان بمكة وبينه وبين الكعبة حائل يمنع المشاهدة فالأصح أن حكمه حكم الغائب ” .

والحقيقة وإن كان كلام الشّافعية أحوط ولكن لا مانع من العمل بكلام الحنفية بالنسبة لما سبق أداؤه من الصلوات تجاه الكعبة وليس تجاه عينها، خصوصًا وأنّ كثيرًا من المساجد التّي بنيت قديمًا المحراب فيها والفرش ليس تجاه عين الكعبة.

لذا فالقول بإعادة الصلوات وإعادة تصميم المساجد فيه حرج كبير، ولكن بالنسبة للمساجد التّي ستبنى مستقبلا ننصح بالأخذ بقول الشّافعية خروجًا من الخلاف ومن باب الاحتياط في العبادة لا سيما وأنّ الأمر سهل ومتيسر في أيامنا من خلال الوسائل المعاصرة. ومن هنا ننصح دائما القائمين على بناء المساجد باستشارة المختصين لأجل تحديد القبلة.

من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى