د. نواعم سعيد جبارين: أين المخرج؟

في زمنٍ تتزاحم فيه الهموم، وتتداخل الأصوات، وتضيع البوصلة بين صخب الحياة وضغوطها، يقف الإنسان متسائلًا في لحظة صدق: أين المخرج؟ من القلق، من الخوف، من الغضب، من ضياع المعنى؟
يبحث الناس عن المخرج في المال، في العلاقات، في السفر، في اللهو، ولكنهم يعودون غالبًا إلى النقطة نفسها… لأن المخرج الحقيقي ليس خارج النفس، بل في داخلها، في صلتها بخالقها.
قال تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾ – (سورة الطلاق: 2-3).
ما أروعها من بشارة!
فالمخرج لا يكون بالذكاء وحده، ولا بالحيلة، بل بالتقوى. حين يضع الإنسان بينه وبين معصية الله حاجزًا من الوعي والورع، يُفتح له باب لم يكن في الحسبان.
إن المخرج ليس طريقًا مجهولًا ننتظره، بل هو وعدٌ إلهيٌّ صادق:
﴿وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ﴾ – (الطلاق: 3).
حين تضيق الدنيا على الإنسان، يفتح الله له آفاقًا في الدعاء، في الصبر، في الرضا، في الأمل.
وحين يغشاه ظلامُ الحيرة، يتلألأ النور من آيةٍ أو توبةٍ أو صدقةٍ صادقة.
كم من إنسانٍ ظنّ أن الأبواب كلها أُغلقت، فإذا بالسماء تفتح له من حيث لا يدري!
وكم من قلبٍ أرهقه الألم، فشفاه القرآن حين عاد إلى ربه بصدق:
﴿أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾ – (الرعد: 28).
فيا من يبحث عن المخرج.. اعلم أن المخرج ليس في الفرار من الواقع، بل في العودة إلى الله، وأن النجاة لا تكون باليأس، بل باليقين أن الله لا يخذل من لجأ إليه.
فمن أراد أن يجد المخرج من ضيق الدنيا، فليدخل من باب التقوى، وليتوكّل على الله، وليثق أن وراء كل أزمةٍ حكمة، وأن مع كل عسرٍ يُسرًا، كما قال تعالى:
﴿فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا﴾ – (الشرح: 5-6).
وفي الختام..
يا ربّ.. كم ضاقت بنا السبل، وكم التبس علينا الطريق، ولا مخرج لنا إلا إليك.
نقف على أعتاب رحمتك منكسرين، نحمل قلوبًا أتعبها الهمّ، وعيونًا أنهكها السهر، فنرفع أيدينا إليك واثقين بوعدك الكريم:
﴿وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا﴾.
اللهم افتح لنا من لدنك مخرجًا من كل ضيق، ونورًا في كل ظلمة، وطمأنينةً تروي القلوب بعد طول عطش.
اللهم اجعلنا ممن إذا أظلمت عليه الدنيا، أشرقت في قلبه أنوار الإيمان، وممن إذا بكى من الخوف، مسحتَ دموعه برحمتك.
اللهم كن لنا المخرج إذا سُدّت الأبواب، والرفيق حين يخذلنا الأحباب، والعوض الجميل عن كل ما فقدنا.. آمين يا رب العالمين!
من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com