رانية عقل: شكرًا…!!

شكرًا…
لأرواح الأمهات الصابرات على الفقد،
اللواتي حملن في صدورهن رماد الطفولة،
ونمنَ على أطراف الوجع كي لا توقظنَ صراخ الأرض.
شكرًا لروح الطفولة التي نُغِّصت،
واحترقت أطراف براءتها في لهب الجنون.
شكرًا لأطفالٍ بقوا دون أهل،
لأرواحٍ صغيرةٍ تبحث عن حضنٍ بين الركام.
شكرًا لمن فقد بيتًا، أو يدًا، أو حقلاً،
أو ألبومَ صورٍ كان يحتضن وجهه القديم.
شكرًا لمن مُحيت ذاكرته عن وجه الأرض،
لكن اسمه ما زال محفورًا في ضميرها.
شكرًا لمن جُرح وهو حيّ،
من ثقل الجوع، ومن عطش الكرامة،
ومن وجع أن يرى أحبّاءه ينجون قبله.
شكرًا لأننا نحاول أن نجد عذرًا حتى للمنهكين،
فهم أيضًا ضحايا التعب والخذلان.
شكرًا للعالم الذي انتفض للحق،
للأصوات التي لم تخف، فكانت صدى إنسانيتنا.
شكرًا للفنانين الذين حملوا القضية في لوحاتهم،
ولأهالي الأسرى الذين حوّلوا وجعهم إلى نداءٍ لا يصمت.
لا يهمّني بنود الاتفاق الآن،
يهمّني ضحك الأطفال ولو كان ناقصًا،
ورقصهم ولو كان على الرماد.
يهمّني أن نشمّر عن أرواحنا قبل أذرعنا،
لِنُرمّم ما لا يُرمَّم:
الأمل، والأفكار، والأرض، والإنسان.
شفع الله أهلنا قبل المطر،
قبل أن يشتد بطش الأشرار.
شكرًا يا غزة، يا مدرسة الصبر،
يا مِحراب الصمود والكرامة.
علّمتِنا أن الحمد لا يسقط حتى في العاصفة،
وأن الفجر، حين يشتدّ الظلام،
يُقسم أن يأتي.
شكرًا للأطباء الذين واصلوا رغم الإنهاك،
للصحفيين الذين حملوا الكاميرا والمجرفة معًا،
للمفكرين والمخترعين الذين أنقذوا بما ابتكروا،
وللمشاهير الذين لم يخافوا أن ينطقوا بالحق،
وللأسطول الذي أبحر رغم الحصار،
ولكل من أرسل علبة عدسٍ عائمة في بحر الجوع،
وللحمير التي ما زالت تجرّ أثقال الحياة،
تشارك بصبرها في معركة البقاء.
شكرًا…
لكل من ظلّ إنسانًا في زمنٍ يُختبر فيه معنى الإنسان.
وربما لا تكفي “شكرًا”،
لكنها خيطٌ صغير من تطريز الذاكرة،
نحيكه على جرح الأرض،
علّ الأمل ينبت من بين الغرز.
فالفنّ، كما الحياة، لا يُشفى… لكنه يُزهر!

من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com