د. سمير صبحي: وحدة الولادة حتى سن 3 سنوات في بلدية ام الفحم.. حجر الأساس لبناء الإنسان والمجتمع

*بلدية أم الفحم تستعد لفصل الشتاء: أعمال تنظيف وصيانة شاملة للعبارات والوديان*

*إلى أهلي في بلدي…

منذ اللحظات الأولى لولادة الطفل، تبدأ رحلة التكوين الإنساني بكل ما تحمله من مشاعر، ذكريات، مهارات وقيم. هذه المرحلة، الممتدة من الولادة حتى جيل ثلاث سنوات، ليست مجرد فترة زمنية قصيرة في حياة الإنسان، بل هي اللبنة الأساسية التي تُبنى عليها قدراته العقلية – الذهنية، النفسية والاجتماعية مستقبلًا.

في مدينة أم الفحم، تبرز أهمية وحدة الولادة حتى جيل 3 سنوات كأحد الأعمدة الرئيسة في بناء جيل سليم ومتوازن، قادر على مواجهة تحديات الحياة بثقة ووعي، وهو جزء من قسم الطفولة المبكرة في جناح المعارف.

*ارقام ومعطيات:*

عدد الأطفال بجيل الولادة حتى ثلاث سنوات في ام الفحم هو 3340 طفلًا.

عدد الحضانات اليومية المعترف بها والمسجلة رسميًا بوزارة المعارف هو 20 حضانة، تضم 963 طفلًا، وتشغّل 161 حاضنة.

عدد الحضانات الأسرية هو 42 حضانة، تضم 163 طفلًا.

مع الإشارة أن كافة الحضانات والأطر اليومية في المدينة هي بإشراف مباشر من قبل وحدة الطفولة من الولادة حتى ثلاث سنوات.

* أهمية هذه المرحلة*

تشير الدراسات العلمية إلى أن 80% من تطور الدماغ البشري يحدث في السنوات الثلاث الأولى من عمر الانسان. في هذه الفترة تتشكل الروابط العصبية المسؤولة عن التفكير، اللغة، المشاعر والتفاعل الاجتماعي. لذلك، فإنّ الاستثمار في هذه المرحلة هو استثمار في المستقبل — في جودة التعليم، في الصحة النفسية، وفي الحدّ من الفقر والعنف لاحقًا.

في مجتمع مثل المجتمع العربي عامة، وأم الفحم خاصة، حيث يواجه الأهالي تحديات متشابكة بين ضغوط المعيشة، البطالة، وانشغال الوالدين، يصبح وجود قسم مهني يرعى هذه الفئة ضرورةً قصوى.

*مهام وحدة الولادة حتى جيل 3 سنوات*

تعمل الوحدة على عدة مستويات متكاملة:

1. المتابعة الصحيّة: من خلال التعاون مع مراكز “الأم والطفل” (טיפת חלב) والمراكز الطبية ومراكز نمو الطفل، لضمان نمو سليم ومتوازن لكل طفل. مع الإشارة أن وحدة الطفولة من جيل ولادة حتى ثلاث سنوات خَصصت موظفةً مفعِّلة لكل مركز أم وطفل في المدينة، حتى تساعد الأمهات وتوجههّن للعناوين الصحيحة لكل استشارة.
2. التوجيه الأسري والتربوي: تقديم استشارات وورشات للأهل حول التربية المبكرة، التغذية، التطعيمات وغيرها.
3. إنشاء بيئات آمنة ومحفزة: عبر دعم الحضانات والحضانات الأسرية، وضمان مطابقتها للمعايير التربوية والصحية.
4. برامج مجتمعية: دورات للأمهات الجدد، لقاءات دعم عاطفي للأمهات الشابات، وبرامج تقوية اللغة والتواصل عند الأطفال. بالإضافة لبناء منظومة إرشاد وتوجيه تربوي وعلاجي من قبل مرشدات مختصات بكافة الحضانات.
5. التعاون والتشبيك بين أقسام البلدية المختلفة لمصلحة هذه الفئة: تنسيق بين أقسام الخدمات الاجتماعية، التربية والتعليم، الصحة، لتقديم خدمات شاملة للأسرة.
6. إنشاء مركز طفولة مبكرة مختص بهذه الشريحة يقع في مبنى مركز نمو الطفل، بتمويل كامل من البلدية، يضم خدمات عديدة سواء للأطفال او الأهالي او الطاقم المهني في الحضانات.

*التحديّات القائمة*

 رغم الجهود المبذولة، يواجه الوحدة في بلدية أم الفحم جملةً من التحديات التي تعكس واقع المجتمع العربي بأكمله:

1. ضعف الوعي بأهمية التدخّل المبكّر: كثير من الأهالي لا يدركون أنّ التأخر في الكلام أو المشي أو التفاعل العاطفي يحتاج إلى متابعة فورية وليس إلى “انتظار أن يكبر الطفل”.
2. ضغوط اقتصادية ونفسية على العائلات: الظروف المعيشية الصعبة تؤثر على قدرة الأهل على منح الطفل الوقت والاهتمام اللازمين وإدراجهم في الحضانات نتيجة العبء المادي، وهو ما ينعكس سلبًا على نموه.
3. البيئة العامة وتأثيرات العنف المجتمعي: في ظل ازدياد مظاهر العنف والجريمة والقلق داخل المجتمع، يتأثر الأطفال بشكل مباشر، حتى في مراحلهم الأولى، من خلال تقليد السلوك أو تأثرهم بالمناخ النفسي للأسرة.
4. عدم وجود أخصائيين مهنيين بهذا الجيل، هناك نقص كبير بهذه الخدمات مثل: اخصائي نطق، اخصائي سمع، اخصائي علاج وتشغيل وغيرها من مواضيع الطب المساعد.
5. رغم وجود عدد كبير من الأطفال في هذا الجيل مؤطّرين ضمن حضانات يومية وأسرية (1126 طفلًا)، إلا أن هناك عددًا كبيرًا آخر غير مؤطّر ولا يتواجد في أي حضانة، وذلك بسبب صعوبة تحديد الأطر الموجودين فيها نظرًا لخصوصية هذه الفئة وهذه الشريحة العمرية، مما يعيق تقديم الخدمات لهم ولأسرهم.

*أهمية هذه المرحلة في ظل واقع المجتمع العربي*

إنّ ما يعيشه مجتمعنا العربي من تحديات مركبة — بطالة، فقر، عنف، ضعف في البنى التحتية بكافة أنواعها وعلى رأسها التربوية، يجعل من الاهتمام بالطفل في سنواته الأولى أولوية أولى. فكل طفل لا يتلقى العناية السليمة والتربية الصحيحة في هذه المرحلة، حتما سيواجه صعوبات تعليمية وسلوكية لاحقًا حسب الابحاث العلمية، ما يخلق دائرة متكررة من التهميش والفشل الاجتماعي.

من هنا، يأتي دور بلدية أم الفحم كمؤسسة قائدة ومسؤولة عن كسر هذه الدائرة من خلال الاستثمار في السنوات الثلاث الأولى من حياة الطفل، رغم شحّ ميزانيات الوزارات المختلفة بهذا الجانب، لكن البلدية اخذت على عاتقها تمويل هذه النشاطات والفعاليات وكل ما تحتاجه هذه الشريحة.

*خطوات مستقبلية مقترحة*

1. توسيع خدمات الوحدة لتشمل جميع أحياء المدينة.
2. إطلاق برامج توعوية مكثفة للأهالي، خاصة للأمهات الشابات، حول أهمية التحفيز اللغوي والعاطفي في البيت.
3. تدريب كوادر محلية في مجالات الطفولة المبكرة بالتعاون مع الجامعات والمعاهد.
4. دعم الحضانات القائمة ورفع مستواها التربوي من خلال إشراف بلدي ومهني.
5. إقامة شراكات مجتمعية مع الجمعيات المحلية والمؤسسات الأهلية لتوسيع نطاق الدعم والرعاية.

*خاتمة*

إنّ الاهتمام بالطفولة المبكرة في أم الفحم هو مشروع إنساني قبل أن يكون إداريًا.

هو استثمار في مستقبل المدينة، وفي قدرتها على بناء جيلٍ سليمٍ نفسيًا، واثقٍ بنفسه، ومؤمنٍ بمجتمعه.

وحدة الولادة حتى جيل 3 سنوات ليست مجرد دائرة بلدية، بل هو حاضنة للغد — وغدُ أم الفحم يبدأ من هنا، من أحضان الطفولة المبكرة، ومن كل أمٍّ وأبٍّ يدركان أن التربية مسؤولية ورسالة مقدسة.

*بلدية أم الفحم تستعد لفصل الشتاء: أعمال تنظيف وصيانة شاملة للعبارات والوديان*

مع اقتراب فصل الشتاء، تبذل بلدية أم الفحم جهودًا مكثفة لضمان جاهزية المدينة واستعدادها الكامل لاستقبال أمطار الخير، بما يضمن سلامة المواطنين ويحافظ على البنية التحتية. في هذه الأيام، تعمل طواقم البلدية من جناح تحسين ملامح المدينة على تنظيف وصيانة مصارف المياه وعبارات التصريف في مختلف الشوارع والأحياء، وذلك لتفادي أي انسدادات أو تجمعات مياه قد تعيق حركة السير أو تشكل خطرًا على السكان، او حدوث فيضانات وانزلاقات فيها.

كما تشمل الأعمال تنظيف الوديان الجارية خلال فصل الشتاء، مثل مدّ العبارة في حي عين إبراهيم، وتنظيف مجرى الوادي في حي المعلقة، بالإضافة إلى تنظيف مجرى الوادي في عين خالد، وغيرها من المواقع الحيوية في المدينة. هذه الأعمال تأتي ضمن خطة شاملة تهدف إلى تعزيز الجهوزية وتقليل المخاطر، ونحن نؤكد لأهلنا الكرام أنّ البلدية مستمرة في متابعة هذه الأعمال على مدار الساعة، حرصًا على سلامتكم وراحتكم.

أخيرًا نسأل الله عز وجل أن يحفظَ بلدنا وينزل عليه الأمن والأمان والسكينة والاطمئنان، وأن يجعله غيثًا نافعًا وشتاءً يحمل الرحمة لبلدنا وأهلنا جميعًا.