ب. اسعد غانم: قمة شرم الشيخ هي انتصار إسرائيلي وخذلان للشعب الفلسطيني، ومن كل الأطراف، فهل نستفيق؟

بعد سنتين من عملية حماس تتوقف العمليات العسكرية ومعها تتوقف ماكينة العنف الإسرائيلي بشكلها الأكثر كثافة وبشاعة. تتوقف لتكشف عن ان العملية التي قامت بها حماس، لم تكن مساهمة جدية في انفلات فاشي إسرائيلي غير مسبوق وصل الى الإبادة والتطهير العرقي وكل اشكال المحو، بل ان الامر تم تتويجه بإخفاق استراتيجي فلسطيني اخر وبنجاح إسرائيلي منقطع النظير. في شرم الشيخ سيستلم نتنياهو، نيابة عن إسرائيل، مفاتيح المستقبل الفلسطيني.

لا اريد ان انغّص على المحتفلين فرحتهم، فهي مستحقة. ان وقف العمليات العسكرية واطلاق سراح جزء مهم من الاسرى هي مهمة ويجب احترامها، وموقفي هو بان ذلك يكفي في هذه المرحلة. ما سيتلو ذلك سيتضمن مفاوضات ونجاحات واخفاقات فيما يتعلق بمستقبل غزة، ومستقبل الضفة وفلسطين عموما، وليس هنالك اية بارقة تغيير في الموقف الإسرائيلي، ولا توجد اية علامة على أي تقدم بشأن انفراج استراتيجي. ويتكلل الامر بدعوة نتنياهو الى لقاء شرم الشيخ من قبل الرئيس المصري، وبموافقة الدول المشاركة ليشير بوضوح باننا في سبيل تبييض عربي واسلامي وبمشاركة فلسطينية، لجرائم إسرائيل ومن يقف على رأسها، ومن اعطى الأوامر بتنفيذ الجرائم تجاه اهل غزة وعموم فلسطين.

مجرد دعوة نتنياهو للقمة في شرم الشيخ هي دلالة بان الدول العربية والإسلامية المشاركة مستعدة ان تصفح لنتنياهو وحكومته وجيشه وباقي الداعين لابادة الشعب الفلسطيني، عن جرائمهم، ولا يمكن الادعاء بان مصر هي الدولة الداعية لنتنياهو، لان الباب مفتوح لمن لا يشارك السيسي في دعوته ان يعلن الاستغناء عن المشاركة، وهذا صحيح لجميعهم، لكنه اكثر أهمية بالنسبة لنا بالنسبة لمشاركة الرئيس الفلسطيني، رئيس منظمة التحرير، ومن يدعي ان غزة وأهلها جزءا من ارضه ومن شعبه. ان مشاركة عباس في هذه القمة هي عمل مشين يخضعه لإثبات اخر بانه ليس جديرا بقيادة الشعب الفلسطيني، ولا مستقبله. وسكوت القيادات تحته في اللجان التنفيذية والثورية والمركزية تثبت جبن أعضائها او حتى مشاركتهم في إهانة الشعب الفلسطيني، واهل غزة بشكل خاص. اننا في لحظة إضافية في خذلان فلسطيني وعربي واسلامي ودولي اخر لأطفال غزة ولشهدائها ولدمائها ولجرحاها، ولكل من تأذى من الحرب الاجرامية التي قامت بها إسرائيل ضد شعبنا.

اتى ترامب الى إسرائيل، والى شرم الشيخ ليس ليحل القضية الفلسطينية وهو ليس بهذا الصدد ابدا، ولا المؤتمرين معه في هذا الصدد أصلا. لكل جهة مصالحها، دول الخليج لها مصالحها وعلاقاتها بامريكا وتركيا ستحصل على طيران متقدم، ومصر ستحصل على التزامات بحل جزء من ازماتها، وكل هذه الدول وغيرها تنظر الى غزة كمشروع استثماري مجدد وفاتحة لاستفادة ممكنه، بما في ذلك سلطة رام الله وإسرائيل. والى جانب ذلك يأتي رئيس شعبوي امريكي لينقذ سياسيا رئيس وزراء شعبوي وفاشي في إسرائيل.

نتنياهو يبدأ بتحضير الانتخابات وسيصور نفسه كمن انتصر عسكريا وسياسيا وديبلوماسيا. حصوله على مقاعد برلمان إضافية بعدد أصابع اليد الواحدة ستكفيه للبقاء بالسلطة وإعادة تشكيل حكومته الفاشية بعد الانتخابات القادمة، ومن ثم استمرار التحكم بالفلسطينيين واستهدافهم واقتلاعهم والسيطرة نهائيا على فلسطين الانتدابية\ ارض إسرائيل. هذا المهرجان الذي يبث امامنا مع وصول ترامب، هو مخصص بشكل كبير لإنجاح نتنياهو وعلى الاغلب هذا ما سيحصل، او على الأقل هذا ما سيحاول نتنياهو الاستفادة منه. اننا امام مساهمة عربية وإسلامية وفلسطينية في إعادة انتخاب نتنياهو لرئاسة الوزراء، بدل ملاحقته واعتقاله وتقديمة للمحكمة الدولية كمجرم حرب. يصبح نتنياهو اكبر المستفيدين من جرائمه في غزة وويلات الحرب ضد الغزيين ويكافأ عربيا واسلاميا ودوليا وفلسطينيا، انها احد اكبر مهازل التاريخ الحديث.

قبل الحرب وقبل شرم الشيخ وبعدهم لا يبقى للفلسطينيين الا نفسهم، الا ارادتهم الشعبية والوطنية التي لا تمثلها لا فصائلهم ولا قياداتهم الحالية، لم يبق لشعبنا عدا المتضامنين في شوارع العالم وصموده في وطنه. اننا مطالبون باستفاقة فورية وحقيقية نحو إعادة الاعتبار للشعب الفلسطيني وإعادة بناء حركته الوطنية، وبناء استراتيجيته المبنية على الصمود واستنباط الطرق التي تساهم في ذلك من جهة، وتستطيع الاستمرار في تجنيد شعوب العالم للوقوف في وجه الجرائم الإسرائيلية وتقديم المجرمين للمحاكمات. ان مستقبل الصراع والشعب الفلسطيني مرتبط بإرادة الشعب الفلسطيني، لا بإرادة عربية ولا إسلامية ولا دولية ولا بقياداته الفاسدة والمستهترة، حماس وفتح في نفس الخانة، ان إرادة شعبنا هي الأساس ويجب التفكير في نقلة نوعية في الاستراتيجيات والاهداف خاصة وان الارضية جاهزة لذلك، فهل نفعلها؟

من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى