د. رافع يحيى: تحليل فنّي لخطاب ترامب في الكنيست

خطاب ترامب اليوم في الكنيست، خطاب غير موفّق، فمن ناحية فن الخطابة، كان ضعيفًا ومفككًا رغم أنه حاول أن يبدو مؤثرًا. المشكلة الأساسية أنه لم يكن خطابًا رسميًا منظمًا كما يُتوقع من رئيس أو زعيم سياسي، بل بدا وكأنه حديث عابر في مؤتمر صحفي، لا خطابًا تاريخيًا في مناسبة كبرى. كان من الواضح أنّ الخطة التي اعتمدها في إلقاء كلمته مناسبة لموقف سريع أمام الصحافة، وليست لبناء خطاب يحمل وزنًا سياسيًا أو رمزية عميقة.
كما أنّ ترامب بالغ في المديح بشكل لافت، فحوّل الخطاب من رسالة سياسية إلى وصلة إطراء شخصية، لبعض الموجودين، ممّا أضعف من قوة الرسالة وأعطى انطباعًا بأنه يسعى إلى كسب رضا شخصي، لا إلى مخاطبة جمهور رسمي أو تاريخي. هذا النوع من المديح المبالغ فيه يُفقد الخطاب هيبته، خاصة عندما يكون موجّهًا في سياق سياسي حساس.
إضافة إلى ذلك، كانت الأفكار مبعثرة بلا تسلسل منطقي؛ ينتقل من فكرة إلى أخرى وكأنه يتحدث مرتجلًا لا خطيبًا. لم يستخدم أي مقدمة قوية تمهد للرسالة، ولا متنًا مرتبًا يوضح موقفه السياسي، ولا خاتمة تلخّص موقفه أو تترك أثرًا. حتى نبرة صوته كانت شبه ثابتة، بلا أي تصعيد أو تدرّج، ما جعل الخطاب يفتقر إلى الروح الخطابية التي تميز القادة.
كما أنّ لغته كانت أقرب إلى لغة الحديث الشعبي مع جمهور مؤيد، لا لغة سياسية رسمية. وهذا جعله يخاطب الأشخاص العاديين أكثر من مخاطبة الرأي العام أو العالم. أمّا لغة الجسد فكانت محدودة ومكررة، ممّا قلّل من حضوره الخطابي وأضعف تأثيره.
باختصار، خطاب ترامب كان أقرب إلى مؤتمر صحفي مرتجل منه إلى خطاب تاريخي. لم يحمل بناءً خطابيًا واضحًا، وافتقر إلى الرسمية والهيبة، وامتلأ بالمديح المبالغ فيه، مما جعله ضعيفًا فنيًا، رغم محاولته أن يبدو مؤثرًا.

من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com

زر الذهاب إلى الأعلى