ريهام سويطات دراوشة: مرثيّة الجوع والحنين

نَعَمْ، سَأَكْتُبُ
عَنْ ذَاكَ القَمِيصِ المُهْتَرِئِ،
وَالضَّفِيرَةِ المُتَنَاثِرَةِ،
تِلْكَ العُيُونِ الجَاحِظَةِ،
وَالأَنْفَاسِ المُتَقَطِّعَةِ،
عَنْ تِلْكَ الرَّعْشَةِ، وَذَاكَ النُّفُورِ الخَائِفِ،
عَنْ أَصَابِعَ هَيْكَلِيَّةٍ،
عَنْ هِرَّةٍ أَوْ يَمَامَةٍ تَائِهَةٍ أَرْهَقَهَا الجُوعُ فَهَرَبَتْ إِلَى المَوْتِ،
وَعَنْ ذَاكَ الأَلَمِ الزَّاحِفِ المُنْتَشِلِ مَنْ قَدْ طَيَّ ذِكْرَاهُمُ الزَّمَانُ…
أَوْ رُبَّمَا الجُوعُ.
عَنْ تِلْكَ الأُمِّ المُتَوَارِيَةِ وَرَاءَ حِجَارَةٍ مُتَهَدِّمَةٍ دُونَ سَتَائِرَ،
تَنْتَظِرُ…
رُبَّمَا غَرِيبًا يَأْتِي بِخَبَرٍ لَهَا عَنْ فُلَذَاتِ قَلْبِهَا الثَّاكِلِ،
فَتَنْهَارُ بَعْدَ عُصُورٍ مِنَ الصُّمُودِ،
وَتَنْهَمِرُ…
ثَمَّةَ دَمْعَةٌ عَلَى وَجْنَتَيْهَا.
نَعَمْ، وَعَنْ ذَاكَ الرَّجُلِ الَّذِي غَرَسَ أَظَافِرَهُ فِي أَغْطِيَةٍ بَيْضَاءَ
تُغَطِّي مَا تَبَقَّى مِنْ قِصَاصَاتِ أَوْرَاقِ رَسْمٍ
قَدْ زَيَّنَتْهَا أَنَامِلُ أَمِيرَتِهِ قَبْلَ اللِّقَاءِ الأَخِيرِ.
عَنْ تِلْكَ العَجُوزِ الَّتِي تُوَاكِبُ مُرُورَ الأَيَّامِ،
لِتُوَافِيهَا المَنِيَّةُ بِفَارِغِ الحُبِّ،
لَا عَلَى فِرَاشِ عُرْسِهَا،
بَلْ عَلَى حَافَّةِ رَصِيفٍ يَطَؤُهُ الأَعْدَاءُ كمَا يَحْلُو لَهُمْ…
فمَا بَيْنَ تلك البَدَايَةِ وَهذه النِهَايَة
ضَاعَتْ أحْلَامٌ
وَانْبَجَسَتِ آلَامٌ
اضْمَحَلَّتْ مَلَامِحُ الطُّفُولَةِ…
الأُمُومَةِ…
وِلادَةٌ مَأْسَاوِيَّةٌ لِلْجُوعِ،
وَالْفَقْدِ
وَاللَّوْعَةِ.
لَمْ تُكْتَبِ النِّهَايَةُ
إِلَّا لِتُذَكِّرَنَا – وَإِيَّاهُمْ – بِالَّذِينَ بَاتَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي السَّمَاوَاتِ
وَذَهَبُوا دُونَ وَدَاعٍ.
فمَا بَيْنَ بَدَايَةٍ وَنِهَايَةٍ
انْدَثَرَتِ الأَحْلَامُ دُونَ شَوَاهِدَ
* الشاعرة من كفرياسيف، معلمة لغة عربية وطالبة دراسات عليا في جامعة النجاح