ناضل حسنين: تعالوا نحسبها معا..!

تقول بعض التقديرات إن عدد قطع السلاح في مجتمعنا تتراوح بين 400 ألف الى 500 ألف قطعة، وهناك من يقول ان العدد أكبر من ذلك، سواء مرخصة أو مهربة. هذه الكمية من الأسلحة تفوق ترسانة جيوش عدد من الدول الصغيرة في العالم.
وفي حال صدقت هذه التقديرات، كيف للشرطة أن تعرف عدد قطع الأسلحة دون أن تعرف مكان تواجدها. ومع ذلك.. دعونا نفترض صحة هذا الأرقام وتعالوا الى عملية حسابية بسيطة..!
عددنا نحن العرب في هذه البلاد يقارب المليون و800 الف نسمة (بدون أهالي القدس المحتلة). ومعدل عدد افراد الأسرة الواحدة في مجتمعنا هو خمسة أنفار. أي أن لدينا 360 ألف أسرة عربية في البلاد من النقب جنوبا حتى أعالي الجليل شمالا.
وفي حال كان عدد قطع السلاح 500 ألف قطعة، فإن ذلك يعني أن في كل بيت من بيوتنا قطعة سلاح واحدة أو أكثر… وبما أنني وغيري الكثيرون، لا نملك أي قطعة سلاح، فذلك يعني أن في كثير من البيوت قطعتين أو ثلاث قطع من السلاح وقد يكون أكثر.
إن وجود هذا الكم من الأسلحة لدى أقلية قومية ترزح تحت وطأة التمييز العنصري في دولة تتغنى بالأمن، صبحا وعشية.. دولة تعاني من الحساسية المفرطة في كل ما يتعلق بالأمن.. فإن انتشار السلاح في مجتمعنا بهذه الغزارة لا يبدو أمرًا طبيعيًا. إنهم يلقون نحونا بدمية ملتهبة نتلقفها، نحن الملهوفين للعب، فتحترق أيادينا لدرجة نعجز بعد ذلك عن القبض على أي قيمة أخرى والتمسك بها.
هذه الدولة ذاتها، من المستحيل أن تغض الطرف عن رصاصة واحدة لو حامت الشكوك حولها بأن دوافعها أمنية. لكنها، في المقابل، تغض الطرف عن آلاف الرصاصات حين تكون دوافعها “جنائية”، كأن أرواحنا قابلة للمقايضة، أو كأن دمنا أرخص ما في ميزان الأمن القومي.
هنا تكمن المفارقة: إن الأجهزة ذاتها التي تملك القدرة على تحديد موقع هاتف في صنعاء أو طهران خلال دقيقة واحدة، “تعجز” عن ضبط سلاح يُباع في وضح النهار داخل قرانا ومدننا.
هل هو عجز فعلي؟ أم أنه عجز مصطنع؟ لأن النتيجة واحدة: مجتمع عربي غارق في دوامة العنف، ودولة تنفض يديها بحجة أن السلاح “جنائي” لا “أمني”.
بهذا المنطق تُسقط المؤسسة الرسمية المسؤولية عن كاهلها وتلقي بعبئها على “المجتمع العنيف” الذي لا يحسن تربية أبنائه، فيما الحقيقة أن المؤسسة هي التي رعت بيئة الانفلات، أو على الأقل، تغاضت عنها لأنها تخدم غاية أبعد. غاية تجعل المواطن العربي مشغولًا بأمنه الشخصي لا بأمنه الجمعي، منشغلًا بحماية عائلته لا بحماية مستقبله، قلقًا من جاره لا من سياسات الدولة حياله.
وهكذا نتحول، ببطءٍ مدروس، من جماعة تطالب بالمساواة والحقوق، إلى أفرادٍ يلهثون وراء الأمان، نغلق الأبواب بإحكام ونصمت. ننشغل في البحث عن السبل لتعزيز أمننا الشخصي، ونبتعد خطوة بعد أخرى عن أي مطلب جماعي، عن أي فكرة تتعلق بالعدالة، أو المساواة، أو الهوية.
النتيجة: أمننا يُصادَر مرتين؛ مرة برصاصةٍ طائشة، ومرة بتواطؤٍ صامت. في دولة تقوم على فكرة الأمن، لا يوجد “سلاح غير أمني”. كل قطعة سلاح خارج القانون هي تهديد، ليس فقط لحياة الأفراد بل لفكرة المواطنة نفسها.
وعندما لا تتحرك المؤسسة الرسمية لجمعه، فهي لا تفشل فقط في أداء واجبها، بل تمارس فعلًا سياسيًا بامتياز: تُبقي الأقلية مشغولة بنفسها، خائفةً، متوجّسة، بعيدةً عن أي مشروع وطني جامع.
لهذا، فإن السؤال لم يعد “من أين جاء السلاح؟” بل “من المستفيد من بقائه بيننا؟”. والجواب، كما يبدو، ليس في الشارع، بل في أروقة المؤسسة التي قررت أن أمننا الشخصي لا يستحق عناء المداهمة.
من المهم التنويه أن موقعنا يلتزم بالبند 27 أ من قانون الملكية الفكرية (סעיף 27א לחוק זכויות היוצרים). ويبذل قصارى جهده لتحديد أصحاب الحقوق في المواد المختلفة المنشورة لديه. وفي حال كانت لديكم اية ملاحظات تتعلق بحقوق الملكية، فيرجى الاتصال بنا للتوقف عن استخدامها عبر الخاص في هذه الصفحة او على ايميل: almasar@gmail.com